للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجون هو الجبل الذي فيه ثنية كداء، بفتح الكاف والمد، والتي يستحب للمحرم دخول مكة منها.

ووقع للمحب الطبري في "القرى" ما يوافق ذلك؛ لأنه قال: الحجون بفتح الحاء وضم الجيم مخففة، الجبل المشرف عند المحصب، وهو مقبرة أهل مكة، قال الشاعر:

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر

وذكر أبو موسى المديني في "يتيمته" أنه الجبل المشرف مما يلي شعب الجزارين بمكة، قلت: ويشبه أن يكون ما ذكره هو الجبل الذي على يمين المنهبط من الثنية العليا على المقبرة، فإن إلى جانبه شعبا يقال له شعب الجزارين، ويحتمل أن يكون الجبل المشرف على المقابر على يسار المنهبط من الثنية، وتكون المقبرة بينه وبين الصفا على ما قال الشاعر: انتهى كلام المحب الطبري.

والشعب الذي ذكر أنه يقال له شعب الجزارين يقال له شعب النور، وهو الذي فيه قبر الشيخ أبو لكوط١. وفي كون هذا الشعب شعب الجزارين نظر، وكذا في الاحتمال الآخر الذي ذكره في تفسير شعب الجزارين، وكذا فيما يقوله الناس من أن الحجون هو الجبل الذي فيه الثنية المشار إليها، وهو مقتضى كلام المحب الطبري، لكون ذلك مخالفا لما ذكره الأزرقي في تفسير الحجون، مع موافقة الخزاعي له على ما ذكره من أن الحجون في الجهة المقابلة لجهة الثنية، كما أشرنا إليه. والأزرقي والخزاعي بذلك أدرى، والتعويل عليهما في ذلك أولى.

ونص ما ذكره الأزرقي في الترجمة التي بين فيها ما في شق معلاة مكة اليماني من المواضع والجبال والشعاب، وما أحاط به: الحجون الجبل المشرف حذاء مسجد البيعة الذي يقال له مسجد الحرس، وفيه ثنية يسلك إليها من حائط عوف، عند الماجلين الذين فوق دار "مال الله" إلى شعب الجزارين، وبأصل شعب الجزارين كانت المقبرة في الجاهلية٢ ... انتهى.

ونص كلام الخزاعي: الحجون الجبل المشرف على مسجد الحرس بأعلى مكة على يمينك وأنت مصعد، وهو أيضا مشرف على شعب الجزارين في أصل دار أبي دب إلى موضع القبة مسجد سبيل أم زبيدة بنت جعفر بن أبي منصور ... انتهى.

ووجه الدلالة من كلام الخزاعي على ما ذكرناه في تعيين جهة الحجون، ذكره للحجون من شق معلاة مكة اليماني، ولا ريب أنها الجهة التي أشرنا إليها، ووجه الدلالة


١ هكذا في الأصل، وفي منتخب شفاء الغرام: "ابن لكود".
٢ أخبار مكة للأزرقي ٢/ ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>