للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابع والعشرون: منى الموضوع الذي يؤمر الحاج بنزوله والإقامة به حتى تطلع الشمس على ثبير، في يوم عرفة، وفي يوم النحر، وفيما بعده من أيام التشريق، والمبيت به في ليالي أيام التشريق، والمبيت به في ليالي التشريق، لأن رمي الجمار هو من أعلى العقبة التي فيها الجمرة التي تلي مكة المعروفة بجمرة العقبة، إلى وادي محسر، وقد حد منى بذلك عطاء بن أبي رباح، فيما ذكره عنه الفاكهي، لأنه قال: حدثنا الزبير بن أبي بكر قال: حدثني يحيى بن محمد ثوبان، عن رباح عن الزنجي بن خالد، عن ابن جريج، عن عطاء قال: حد منى رأس العقبة مما يلي منى إلى النحر١ ... انتهى.

وقوله: إلى النحر تصحيف صوابه إلى محسر، لأنه حد منى من جهة المزدلفة على ما قال غير واحد من العلماء، ولم يقل أحد إن النحر حد بمنى، وما ذاك إلا لبعد حدها عن محسر وقربه إلى حد منى من جهة مكة.

وفي تاريخ الأزرقي عن عطاء ما يوافق ما ذكرنا أنه الصواب، والله أعلم، وما ذكرناه عن عطاء نفهم أن أعلى العقبة من منى.

وذكر الإمام الشافعي رضي الله عنه ما يقتضي أن العقبة ليست من منى، لأنه قال: وحد منى ما بين قرى وادي محسر إلى العقبة التي عندها الجمرة الدنيا إلى مكة، وهي جمرة العقبة التى بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار عندها، وليست محسرا، ولا العقبة من منى، وسواء سهل ذلك وجبلها، وعامرها وخرابها، فأما الجبال المحيطة بجانبيها مما أقبل منها على منى فهو منها، وما أدبر من الجبال فليس منها ... انتهى.

هكذا نقل عنه سليمان بن خليل في منسكه.

وقال المحب بعد أن ذكر في حد منى، معنى هذا: والعقبة التي ينسب إليها الجمرة منه٢، قلت: كلام المحب الطبري في "القرى" صريح في أن جمرة العقبة من منى. ونقل عنه ابن جماعة في منسكه على ما أخبرني عنه خالي أنه قال: إن العقبة من منى، ولم يقل عن أحد أن الجمرة ليست من منى ... انتهى. وهذا يخالف ما يقتضيه كلام الشافعي، والنووي من أن العقبة ليست من منى، والله أعلم بالصواب.

وقد ذكر الإمام الأزرقي في ذرع منى، لأنه قال فيما رويناه عنه بالسند المتقدم: وذرع منى من جمرة العقبة إلى وادي محسر سبعة آلاف ذراع ومائتا ذراع، وعرض منى عن مؤخر المسجد الذي يلي الجبل إلى الجبل٣ بحذائه العقبة ستة وعشرون ذراعا، وعرض الطريق الأعظم حيال الجمرة الأولى، وهي الطريق الوسطى ثمان وثلاثون


١ أخبار مكة للفاكهي ٤/ ٢٤٦.
٢ القرى "ص: ٤٣٠".
٣ أخبار مكة للأزرقي ٢/ ١٨٥ "الجبل الذي".

<<  <  ج: ص:  >  >>