للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذان الخبران هما اللذان أشرنا غلى أنهما يقتضيان أن العماليق من حمير، وليس فيهما ما يشعر بأن أحدا من الناس أخرجهم من مكة قهرا.

وقد ذكر الأزرقي خبرا يقتضي أن جرهما وقطورا أخرجوا العماليق من مكة١، وسيأتي هذا الخبر إن شاء الله تعالى في أخبار جرهم.

وما ذكرناه عن الفاكهي يقتضي ذلك أيضا، والله أعلم بالصواب.

وسيأتي إن شاء الله تعالى في أخبار جرهم ما يقتضي أن العماليق كانوا ولوا مكة حينا مع جرهم، ولا معارضة بين هذا الخبر وبين الخبر الذي يقتضي أن العماليق كانوا ولاة مكة قبل جرهم، لأنه يجوز أن يكون طائفة من العماليق ولوا مكة قبل جرهم، وطائفة من العماليق غير الأولين ولوا مكة مع جرهم، والله أعلم.

ووقع في خبر ذكره الفاكهي ما يوهم أن العماليق كانوا بعد جرهم، لأنه قال: وحدثنا حسين بن حسن قال: حدثنا عمرو بن عثمان قال: حدثنا موسى بن أعين، عن إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن خالد بن عمر، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أول من بنى البيت إبراهيم ثم هدم فبنته جرهم، ثم هدم البيت، فبنته العماليق، ثم هدم فبنته قريش٢ ... انتهى.

ووقع في الخبر الذي رويناه عن ابن عباس في أخبار العماليق: أن أموالهم كانت ترعى بمكة وما حولها من "مر" و"نعمان"، فأما "مر" المشار إليه فهو: مر الظهران الذي يسميه أهل مكة: الوادي، ويقال له أيضا: وادي مر. وقد ذكر السهيلي خلافا في سبب تسميته بمر فقال: وسمي مرا، لأنه في عرق من الوادي من غير لون الأرض، شبه الميم الممدودة وبعدها راء خلقت كذلك، قال: ويذكر عن كثير أنه قال: سميت مرا لمرارتها، ولا أدري ما صحة هذا٣ ... انتهى كلام السهيلي.

ونقل الحازم عن الكندي: أن مر: اسم للقرية، والظهران: اسم للوادي ... انتهى.

وبين مر ومكة: ستة عشر ميلا، على ما قال البكري٤. وقيل: ثمانية عشر ميلا، وقيل: أحد وعشرون، حكاه ابن وضاح، والله أعلم.

وأما نعمان المشار إليه فهو موضع مشهور فوق عرفة على طريق الطائف من عرفة، وفيه مزارع حسنة، والشعراء تذكره في شعرها٥، وهو بفتح النون الأولى، وفيه


١ أخبار مكة للأزرقي ١/ ٨٥.
٢ أخبار مكة للفاكهي ٥/ ١٣٨.
٣ الروض الأنف ١/ ١١٤.
٤ معجم ما استعجم ٤/ ١٢١٢.
٥ معجم ما استعجم ٤/ ١٣١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>