للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمرو بمن معه من جرهم أعلا مكة وقعيقعان، فحاز ذلك، ونزل السميدع أجياد وأسفل مكة، فيما حاز ذلك.

وكان مضاض بن عمرو يعشر من دخل مكة من أعلاها، وكان السميدع يعشر من دخل مكة من أسفلها ومن كداء١، وكل في قومه على حاله، لا يدخل واحد منهما على صاحبه في ملكه.

ثم إن جرهما وقطورا بغى بعضهما على بعض، وتنافسوا الملك بها، فاقتتلوا بها حتى نشبت الحرب أو شبت الحرب بينهم على الملك، وولاة الأمر بمكة مع مضاض بن عمرو بني نابت بن إسماعيل، وبني إسماعيل، وإليه ولاية البيت دون السميدع فلم يزل البغي حتى سار بعضهم على بعض، فخرج مضاض بن عمرو من قعيقعان في كتيبة سائرا إلى السميدع، ومع كتيبته عدتها من الرماح والدرق والسيوف والجعاب، يقعقع ذلك معه، ويقال: ما سميت قعيقعان إلا بذلك. وخرج السميدع بقطوراء من أجياد ومعه الخيل والرجال، ويقال: ما سميى أجياد إلا بخروج الخيل الجياد مع السميدع حتى التقوا بفاضح، فاقتتلوا قتالا شديدا، فقتل السميدع وفضحت السميدع وفضحت قطوراء، ويقال: ما سمي فاضح فاضحا إلا بذلك.

ثم إن القوم تداعوا إلى الصلح، فساروا حتى نزلوا المطابخ شعب بأعلى مكة يقال له: شعب عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس فاصطلحوا بذلك الشعب، وأسلموا الأمر إلى مضاض بن عمرو، فلما جمع أمر مكة وصار ملكها له دون السميدع: نحر للناس وأطعمهم، وطبخ الناس وأكلوا فيقال: ما سمي المطابخ إلا بذلك.

قال: وكان الذي بين مضاض بن عمرو والسميدع أول بغي كان بمكة فيما يزعمون، فقال مضاض بن عمرو الجرهمي في تلك الحرب يذكر السميدع وقتله وبغيه والتماسه ما ليس له:

ونحن قتلنا سيد الحي عنوة ... فأصبح فيها وهو حيران موجع

وما كان يبغي أن يكون سوانا ... بها ملك حتى أتانا السميدع٢

فذاق وبالا حين حاول ملكنا ... وعالج منا غصة تتجرع

فنحن عمرنا البيت كنا ولاته ... ندافع عنه من أتانا وندفع


١ في أخبار مكة للأزرقي "كدى".
٢ في أخبار مكة للأزرقي:
وما كان يبغي أن يكون سواءنا ... بها ملكا حتى أتانا السميدع

<<  <  ج: ص:  >  >>