للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرجل الذي أجارته أم هانئ كما في هذا الحديث قيل: إنه ابنها جعدة بن هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم المخزومي لأن الحافظ أبا القاسم السهيلي لما ذكر أم هانئ بنت أبي طالب -رضي الله عنها- قال: ولها ابن من هبيرة آخر اسمه يوسف، وثالث وهو الأكبر اسمه جعدة، وقيل: إياه عنت في حديث مالك: زعم ابن أم علي أنه قاتل رجلا أجرته فلان ابن هبيرة١ ... انتهى.

ونقل ذلك الحافظ أبو الحجاج المزي في "تهذيبه"٢ عن الحافظ بن عبد البر، لأنه قال في ترجمة جعدة بن هبيرة هذا، وقال ابن عبد البر أيضا: يقال إنه الذي أجارته أم هانئ يوم الفتح فلان ابن هبيرة ... انتهى.

ولم أر كلام ابن عبد البر في كتاب "الاستيعاب" بعد تتبعي لذلك في ترجمة جعدة بن هبيرة، وفي ترجمة أمة أم هانئ في تراجمها الثلاث، ولعله ذكر ذلك في غير الاستيعاب، والله أعلم.

وجاء حديث عنها أنها أجارت رجلين من بني مخزوم يوم الفتح، فتفلت علي رضي الله عنه- ليقتلهما، وهذان الرجلان هما الحارث بن هشام، وعبد الله بن أبي ربيعة المخزوميان، قال الخطيب البغدادي، وقيل: هما الحارث بن هشام، وزهير بن أبي أمية بن المغيرة، ذكره ابن أبي إسحق فيما حكاه ابن بشكوال، والله أعلم.

ومما يدل لذلك أيضا: قوله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة في خطبته بها، لما ذكره حرمة مكة: "وأنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم تحل لي إلا ساعة من نهار"، وذكر بقية الحديث، وهو مخرج في الصحيحين٣ من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال الخطابي: إنما أحل له في تلك الساعة إراقة الدماء لا دم صيد وغيره مما حرم بالحرم من قطع شجر وتنفير صيد.

قال المحب الطبري: ويحتمل العموم، فإن انتشار العسكر لا يخلو من تنفير صيد، ودوس خلا، وقطعه، وغير ذلك، والعمد والخطأ فيه سواء، وقد استدل بهذا من قال إن فتح مكة عنوة٤ ... انتهى.

ومما يدل على أن مكة فتحت عنوة قوله صلى الله عليه وسلم في خطبته بمكة يوم فتحها: "يا معشر قريش ما ترون أني فاعل فيكم؟ " قالوا: خيرا أخ كريم وابن أخ كريم، ثم قال: "اذهبوا


١ الروض الآنف ٣/ ١٠٣
٢ تهذيب الكمال ٤/ ٥٦٦ رقم ٩٣٠، وليس فيه العبارة الواردة في المتن.
٣ صحيح البخاري "١٥٨٧" صحيح مسلم "الحج: ٤٤٥"، والبيهقي في الشعب "٤٠٠٧" وأبو داود "٢٠١٨"، والترمذي "١٥٩٠" والنسائي "٢٨٧٤".
٤ القرى "ص: ٦٤١".

<<  <  ج: ص:  >  >>