وذكر الفاكهي أيضا خبرا يقتضي أن جرهما حين هلكوا بقي منها بقية، ونص هذا الخبر:
وحدثني الزبير بن بكار قال: حدثني عمر بن أبي بكر الموصلي، عن زكريا بن عيسى، عن ابن شهاب قال: هلكت جرهم فلم يبق منها غير حيٍّ في بني ملكان، وهم قليل، وآخرون في بني الجون١ ... انتهى.
وذكر الفاكهي لعمرو بن الحارث المتقدم ذكره شعرا يعظ به بكرا وغبشان حين تهيئوا لقتال جرهم، ويعظم عليهم القتال في الحرم ويحذرهم الهلاك إن هم فعلوا ذلك، أوله:
نعوذ برب الناس من كل ظالم ... بغي في ملوك بني كعب وجرهم
وذكر له أيضا شعرا في شأن بكر وغبشان حين أخرجوا من مكة أوله:
لقد نهضت بكر وغبشان كلها ... تريد تسامي جرهما في فعالها١
وذكر الفاكهي أيضا خبرا يستغرب لما يقتضيه من طول حياة عمرو هذا، لأنه قال: وحدثني عبد الله بن أبي سلمة قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد العزيز الزهري، عن أبيه قال: حدثني سعيد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبا سلمة بن عبد الأسد خرج في ناس من قريش نحو اليمن قال: وأخطئوا الطريق، فأصابهم عطش شديد، قال: فقال أبو سلمة بن عبد الأسد لمن معه من قريش: أي قوم أطيعوني فإن ناقتي عارفة بالطريق، قالوا: فإنا نطيعك. قال: فخلى عن رأس ناقته، فساروا يومهم وليلتهم حتى كان عند قرب الصبح فإذا الناقة قد بركت، قال أبو سلمة. ما بركت إلا على ماء، قال: فنزلوا فإذا هم ببعر الغنم، فما كان بأسرع من أن انفجر الفجر، فنظروا فإذا بئر، وعلى رأس البئر رجل طويل لم ير مثله، فتقدموا إليه، فقال الرجل: ممن القوم؟ فقلنا: من قريش، فقال: من أي قريش؟ قلنا: من بني مخزوم. قال: فسعى فأتى شجرة طويلة، فإذا قفة معلقة في الشجرة فمد يده فأنزل القفة وفتح رأسها، فإذا شيخ فيها، فرفع حاجبيه ثم قال:"أبت" ثلاث مرات. قال: ففتح عينيه، فقال: ما تشاء؟ قال: هؤلاء قوم من قريش، قال: ادعهم إلى، فجاءوا فقال: تقدموا إلى الشيخ، فتقدمنا إليه ففعل به مثل ما فعله الأول، يا أبت، ثلاث مرات، ففتح عينيه فقال: ما تشاء؟ قال: هؤلاء قوم من قريش. فقال: من أي قريش أنتم؟ قال أبو سلمة: فقلت: من بني مخزوم، فقال: ها أنا ومخزوم قرب، فقال هل تعرفون لما سميت أجياد أجيادا؟