للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو مضعف لا مال له صبر على لأوائها وشدتها حسبه، أو خالف مستجير بالبيت والحرم فيأمن بذلك. وكان الناس؛ إذ ذاك يدعون من أقام به "أهل الله" يقولون: هؤلاء أهل الله أقاموا عنده بفناء بيته، وفي حرمته وحرمه، من بين حابس له نفسه، أو مستجير به، أو صابر على شدتها١ ولأوائها لوجهه٢ ... انتهى.

وقال الفاكهي: حدثنا عبد الله بن عمران المخزومي، قال: حدثنا سعيد بن سالم، قال: حدثنا عثمان -يعني ابن ساج- قال: أخبرني محمد بن إسحاق، وحدثني عبد الملك بن محمد، عن زياد بن عبد الله عن علي بن إسحاق -يزيد أحدهما على صاحبه في اللفظ: أن بني إسماعيل والعماليق من سكان مكة ضاقت عليهم البلاد؛ فتفسحوا في البلاد، والتمسوا المعاش؛ فخلف الخلوف بعد الخلوف، وتبدلوا بدين إسماعيل غيره، وسلخوا إلى عبادة الأوثان، فيزعمون أن أول ما كانت عبادة الحجارة في البلاد إلا احتملوا معهم من حجارة الحرم، تعظيما للحرم وصيانة لمكة والكعبة، حينما حلوا وضعوه؛ فطافوا به كطوافهم بالكعبة، حتى سلخ ذلك بهم إلى أن كانوا يعبدون ما استحسنوا من الحجارة، وأعجبهم حتى خلف الخلوف بعد الخلوف ونسوا ما كانوا عليه، واستبدلوا بدين إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- غيره، وعبدوا الأوثان، وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم قبلهم من الضلالة، وانتحوا ما كان يعبد قوم نوح منها على إرث ما كان بقي فيهم من ذكرها، وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم وإسماعيل -عليهما الصلاة والسلام- يتمسكون بها من تعظيم البيع والطواف به، والحج، والعمرة، والوقوف على عرفة، والمزدلفة، وهدي البدن، وإهلال الحج والعمرة، مع إدخالهم فيه ما ليس فيه.

وكان أول من غير دين إسماعيل -عليه الصلاة والسلام- ونصب الأوثان، وسبب السائبة، ونحو البحيرة، ووصل الوصيلة، وحمى الحام، عمرو بن لحي٣ بن قعمة بن خندف جد خزاعة؛ إلا أنهم من ولد عمرو بن عامر بن غسان٤ ... انتهى.

وقال الزبير بن بكار: وجدت في كتاب ذكر أنه من كتب عبد الحكم بن أبي غمر: لما أدرك إلياس بن مضر أنكر على بني إسماعيل ما غيروا من سنن آبائهم، وبأن فضله فيهم، ولأن جانبه لهم حتى جمعهم رأيه، ورضوا به رضا لم يرضوا مثله بأحد من ولد إسماعيل بعد أدر؛ فردهم إلى سنن آبائهم حتى رجعت سنتهم تامة على أولها. وهو أول


١ في المطبوع ٢/ ٣٥: "أو صابر على لأوائها وشدها لوجه"، وقد سقط منه "أو مستجير به".
٢ أخبار مكة للفاكهي ٥/ ١٣٣.
٣ تجمع الروايات على أن عمرا هو أول من أدخل الأنصاب إلى مكة، ودعا إلى التقرب إليها بالعبادة.
٤ أخبار مكة للفاكهي ٥/ ١٣٤-١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>