للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الفاكهي بعد أن روى في هذا المعنى أخبارا: قال ابن أبي سلمة، وابن إسحاق في حديثهما: فلم يزل الأمر لجرهم، وغبشان، وبكر، حتى اقتتلوا؛ فغلبتهم بكر وغبشان, وظهروا عليهم، ووطئوهم، ونفوهم من مكة إلى ما حولها، وولوا عليهم البيت، زاد ابن أبي سلمة والمخزومي في حديثهما: وولوا عليهم البيت وما كانوا يلون بمكة من الحكم وغيره١ ... انتهى.

وذكر الزبير وغيره من أهل الأخبار ما يقتضي أن سبب ولاية خزاعة للبيت غير ما ذكره ابن إسحاق؛ وذلك أن امرأة من خزاعة يقال لها: قدامة كانت متزوجة في بني إياد بن نزار، نظرت إلى بني إياد لما دفنوا الحجر الأسود حين خرجوا إلى العراق، بعد أن تعذر عليهم حمله؛ فإنهم لم يحملوه على شيء إلا عجزوا، وافتقدت مضر الركن؛ فعظم ذلك في نفوسها، ورأت المرأة الخزاعية عظم مشقة ذكل عليهم، فأمرت قومها أن يأخذوا على مضر أن يولوهم حجابة البيت، وتدلهم المرأة على الركن، ففعلوا ذلك ووافقتهم عليه مضر، ودلتهم المرأة على الحجر الأسود، فابتحثوه من تحت الشجرة، وأعيد إلى مكانه، ووليت خزاعة عند ذلك البيت؛ فلم يبرح في أيديهم حتى قدم قصي؛ هذا معنى ما ذكره الزبير والكلبي في هذا الخبر، وقد سبق قريبا.

وبان بذلك أن سبب ولاية خزاعة للبيت غير ما ذكره ابن إسحاق، والله أعلم بالصواب.


١ أخبار مكة للفاكهي ٥/ ١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>