للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وستين وهي السنة التي في أولها أفضت الخلافة إلى الهادي، بعد أن ذكر من كان فيها علي ولاية المدينة وعلى مكة، والطائف عبيد الله بن قثم١ ... انتهى.

وولي مكة في خلافة الهادي بالتغلب: الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الحسني؛ لأنه ثار بالمدينة، وفتك بهم فيها من جماعة الهادي، ونهبوا بيت المال بالمدينة، وبويع على كتاب الله -تعالى- وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وخرج هو وأصحابه إلى مكة لست بقين من ذي القعدة سنة تسع وستين.

ولما بلغوا مكة أمر الحسين فنودي فيها: أيما عبد أتانا فهو حر؛ فأتاه العبيد. وكان الهادي لما انتهى إليه خبره كتب إلى محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن رجال من أهل بيته، ومعه خيل وسلاح، فقدموا مكة وطافوا وسعوا وحلوا من العمرة، وعسكروا بذي طوى، وانضم إليهم من حج من شيعتهم ومواليهم وقوادهم، والتقوا مع الحسين وأصحابه؛ فقتل الحسين في أزيد من مائة من أصحابه، وانهزم بعضهم إلى مصر وغيرها، وكانت القتال في يوم التروية بفخ، ظاهر مكة٢. وقبر الحسين هذا معروف إلى الآن في قبة تكون على يمين الداخل إلى مكة، ويسار الخارج منها، بقرب الموضع المعروف بالزاهر، وحمل رأسه بعد قتله إلى الهادي؛ فلم يعجبه ذلك وقال: كأنكم قد جئتم برأس طاغوت من الطواغيت، إن أقل ما أجزيكم أن أحرمكم جوائزكم، فلم يعطهم شيئا.

وكان الحسين شجاعا كريما، قدم على المهدي فأعطاه أربعين آلاف دينار، ففرقها في الناس ببغداد، والكوفة، وخرج من الكوفة لا يملك ما يلبسه إلا فروة ما تحتها قميص؛ فالله -تعالى- يرحمه ويغفر له.

وممن ولي مكة في خلافة الهادي أو الخلافة أخيه الرشيد: محمد بن عبد الرحمن السفياني، وولايته لأمر مكة ذكرها الفاكهي؛ لأنه قال: وكان ممن ولي مكة بعد ذلك محمد بن عبد الرحمن السفياني، كان على قضاء مكة وإمارتها ... انتهى.

وذكر الزبير بن بكار أن الهادي استقصاه على مكة، وأن الرشيد أقره حتى صرفه المأمون، فولاه قضاء بغداد شهرا ثم صرفه٣ ... انتهى. ولعل محمد بن عبد الرحمن السفياني هذا ولي إمرة مكة مع قضائها في زمن الأخوين: الهادي والرشيد، أو في زمن أحدهما، والله أعلم.


١ تاريخ الطبري ٨/ ٢٠٤.
٢ تاريخ الطبري ٨/ ١٩٢-٢٠٣.
٣ نسب قريش "ص: ٣٣٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>