العباس، ودامت ولاية الحسين على مكة إلى أن بلغه قتل أبي السرايا في سنة مائتين١.
وذكر العتيقي في "أمراء الموسم" ما يقتضي أن الحسن الأفطس ولي مكة قبل التروية؛ لأنه قال: وكان أمير الموسم سنة تسع وتسعين محمد بن داود بن عيسى بن موسى؛ فلما كان بمنى قبل التروية بيوم، وثب ابن الأفطس العلوي بمكة، وغلب عليها، وصار إلى منى؛ فتنحى عنه محمد بن داود، ولم يمض إلى عرفة، ومضى الناس أإلى عرفات بغير إمام، ودفعوا بغير إمام، وأقام الأفطس الموقف ليلا؛ فوقف، ثم صار إلى المزدلفة، فصلى بالناس صلاة الفجر، ووقف بهم عند المشعر، ودفع بهم غداة جمع، وصار إلى منى ... انتهى.
وإنما ذكرنا ما ذكر العتيقي لمخالفته ما ذكرناه قبل في وقت استيلاء الحسين على مكة؛ فإن الذي ذكرناه قبل يقتضيانه لم يدخله مكة إلا ليلة عرفة، والله أعلم.
ثم ولي مكة بعد الأطلس: محمد بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الملقب بالديباجة، لجمال وجهه؛ وسبب ذلك: أن حسينا الأفطس لما بلغه قتل أبي السرايا، رأى أن الناس تغيروا عليه لقبح سيرته وسيرة أصحابه؛ فأتى هو وأصحابه إلى محمد بن جعفر المذكور، وسألوه في المبايعة به بالخلافة؛ فكره محمد ذلك، فاستعانوا عليه باتبنه علي، ولم يزالوا به حتى بايعوه بالخلافة في ربيع ألأول سنة مائتين، وجمعوا الناس على بيعته طوعا وكرها، وسموا أمير المؤمنين، فبقي شهورا ليس له من الأمر شي، وابنه علي وحسين الأفطس وجماعتهم على أقبح سيرة، ولم يلبثوا إلا يسيرا حتى قدم إسحاق بن موسى العباسي من اليمن فارا من إبراهيم بن موسى بن جعفر، فنزل المشاش، واجتمع إليه جماعة من أهل مكة هربوا من العلويين، واجتمع الطالبيون إلى محمد بن جعفرا، وجمعوا الناس من الأعراب وغيرهم، وحفروا خندقا؛ فقالتهم إسحاق، ثم كره القتال؛ فسار نحو العراق فلقيه الجند الذي أنفذهم هرثمة إلى مكة، وكان فيهم الجلودي، وورقاء بن جميل، فقال لإسحاق: ارجع معنا، ونحن نكفيك القتال، فرجع معهم ولقيهم الطالبيون ببئر ميمون، وكان قد اجتمع إلى محمد غوغاء أهل مكة وسودان البادية والأعراب، فالتقى الفريقان، فقتل جماع، ثم تحاجزوا، ثم التقوا من الغد، فانهزم العلويون ومن معهم، وطلب الديباجة الأمان، فأجلوه ثلاثا، ثم نزح عن مكة، وتفرق كل قوم من الطالبين من ناحية، ودخل العباسيون مكة في جمادى الآخرة سنة مائتين، وتوجه ممج بن جعفر نحو بلاد
١ الكامل لابن الأثير ٦/ ٣٠٦-٣١١، إتحاف الورى ٢/ ٢٦٢.