وتسعين ذراعا بتقديم التاء ويلزم على مقتضى قول النووي:"أن بين مكة ومنى فرسخا" أن يكون ما بين طرف العقبة المشار إليه والعلمين المشار إليهما: خمسة أميال وثلث ميل يزيد سبعة وسبعين ذراعا باليد، ويضم مقدار ما بين عقبة منى والعلمين المشار إليهما إلى مقدار ما بين مكة وعقبة منى، فيصير جملة ذلك: ثمانية أميال وثلث ميل وسبعة وسبعين ذراعا، ويكون ذلك مقدار الحرم من هذه الجهة على مقتضى قول النووي: أن بين مكة ومنى فرسخا، ويتعارض ذلك مع قول للنووي: إن حد الحرم من جهة عرفة سبعة أميال بتقديم السين ويقوى به النظر الذي أشرنا إليه فيما ذكره في حد الحرم من جهة عرفة، والله أعلم.
وربما كان مقدار حد الحرم من هذه الجهة على مقتضى قول النووي: أن بين مكة ومنى فرسخا أكثر من هذا المقدار، إذا كان الاعتبار لما بين مكة ومنى من باب المعلاة، لأن من عتبة باب المعلاة إلى طرف العقبة المشار إليه: أحد عشر ألف ذراع ومائتي ذراع وواحدا وأربعين ذراعا وسبع ذراع، ومقدار ما بين منى والعلمين بالنسبة إلى مقدار ما بين مكة ومنى مرتان، بزيادة ألف ذراع وثلاثمائة وستين ذراعا، يزيد، فيكون مقدار ما بين منى والعلمين المشار إليهما: ستة أميال وثلث ميل، بزيادة مائة ذراع وأربعة عشر ذراعا، إذا كان مقدار ما بين مكة ومنى فرسخا، وكان الاعتبار لذلك من باب المعلاة، ويضم مقدار ما بين منى والعلمين إلى مقدار ما بين مكة ومنى، فيصير جملة ذلك تسعة أميال وثلث ميل بزيادة مائة ذراع وأربعة عشر ذراعا، ويكون ذلك مقدار الحرم من هذه الجهة على مقتضى قول النووي:"إن بين مكة ومنى فرسخا"، والله أعلم.
واعلم أن قول النووي أن بين مكة ومنى فرسخا، فيه إشارة إلى أنه لم يعتبر في ذلك قول من قال: إن الميل ستة آلاف ذراع، لأنه لو اعتبر ذلك لزم أن يكون ما ذكره في مقدار ما بين مكة ومنى غير مستقيم، لأن المسافة تنقص عن الثلاثة الأميال، وهي مقدار الفرسخ ميلا وثمن ميل وثمانية أذرع وستة أسباع ذراع، في اعتبار المسافة من باب المعلاة، وينقص في اعتبارها من باب بني شيبة، ثلاثة أرباع ميل وسدس ثمن ميل وستة أذرع وأربعة أسباع ذراع، وإذا كان الأمر بين حمل كلام النووي على وجه مستقيم، وحمله على وجه لا يستقيم، فحمله على الأول أولى، والله أعلم.