وفوضت إليه إمرة مكة، وخطبت له، وتوجه بعد الحج إلى مصر؛ فنال إكراما كثيرا، وقفرر في إمرة مكة في العشرين من جمادى الأولى سنة تسع وعشرين، وهو عليل، واستمر كذلك حتى وفي في سادس عشر جمادى الآخر من السنة المذكورة بالقاهرة بعد أن تجهز للسفر إلى مكة.
ثم إن السلطان استدعى ولده السيد بركات بن حسن بن عجلان إلى مصر؛ فقدمها في ثالث عشرين من رمضان، فوصى إليه إمرة مكة عوضا عن أبيه في سادس وعشرين من رمضان من السنة، واستقر إخوة السيد إبراهيم١ نائبا عنه، وخلع عليهما تشريفتين، وتوجها إلى مكة في عاشر شوال من السنة؛ فوصلوا إليها في أوائل العشر الأوسط من ذي القعدة منها، وقرئ عهد الشريف بركات بالولاية وليس الخلعة.
هذا ما علمناه من خبر ولاة مكة في الإسلام، وقد أوعينا في تحصيل ذلك الاجتهاد، وما ذكرناه من ذلك غير واف بكل المراد؛ لأنه خفي علينا جماعة من ولاة مكة، وخصوصًا ولاتها من زمن المعتمد وإلى ابتداء ولاية الأشراف في آخر خلافة المطيع العباسي، وخفي علينا كثير من تاريخ ابتداء ولاية كثير منهم وتاريخ انتهائها، ومع ذلك فهذا الذي ذكرناه من ولاة مكة ليس له في كتاب نظير والذي لم نذكره من الولاة هو اليسير، وسبب الإقلال في ذلك والتقصير ما ذكرناه من أنا لم نر مؤلفا في هذا المعنى نستضيء به، وذلك مع المقدور لعدم العناية بتدوين كل قضية من أحوال الولاة عند وقوعها. وقد شرحنا كثيرا من أحوالهم، وما أجملناه من أخبارهم في كتابنا المسمى "بالعقد الثمين في تاريخ البلد الأمين"، وفي مختصره المسمى:"عجالة القرى للراغب في تاريخ أم القرى"؛ فمن أراد معرفة ذلك فليراجع أحد الكتابين؛ فإنه يعلم من حالهم أمورا كثيرا، وفي هذين الكتابين فوائد كثيرة مستغرفبة وأخبار مستعذبة.
والحمد لله على التوفيق، ونسأله الهداية إلى أحسن طريق.