للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرحمة؛ فلم يدفن بها لعدم تمكين أمير المدينة من ذلك، حتى يأذن فيه صاحب مصر، وأحضروا تابوته في الموقف بعرفة، ودخلوا مكة ليلا، وطافوا به حول البيت، ثم ذهبوا به إلى المدينة؛ فكان من أمره فيها ما ذكرناه١، ذكر الملك البرزالي بمعنى ما ذكرناه، وذكر أن الوقفة كانت يوم الجمعة باتفاق ... انتهى.

وذكر ابن محفوظ أن قدوم الركب العراقي بجوبان كان في سنة سبع وعشرين، والله أعلم.

ومنها: أنه في سنة ثلاثين وسبعمائة كانت فتنة عظيمة بين الحجاج المصريين وأهل مكة، وقد شرح قاضي مكة شهاب الدين الطبري شيئا من خبرها في كتاب كتبه إلى بعض أصحابه؛ لأن فيه: ونهى صدورها من حرام الله تعالى بعد توجه الركب السعيد على الحالة التي شاع ذكرها، ولا حيلة في القدرة، والله ما لأحد من أهل الأمر ذنب لا من هؤلاء ولا من هؤلاء؛ وإنما الذنب للغاغة والرعاع والعبيد والنفرية، على سبب مطالبة من أخدام الأشراف للعراقيين، بسبب عوائدهم، وحصلت ملالاة، وأوجبت معاداة؛ فقامت الهوسة والخطيب على المنبر، وكان السيد سيف الدين عند أمير الركب جالسا، فقام ليطفئ النوبة من ناحية، فانتفخت من نواحي، وقام الأمير سيف الدين يساعده، فاتسع الخرق وهاج الناس في بعضهم بعضا فمات من مات وفات من فات، ولزم الأشراف مكانهم بجياد، ولم يخرج منهم أحد إلى القتال إلا من انخلس من الفريقين.

وذكر هذه الحادثة الحافظ علم الدين البرزالي، وشرح من أمرها ما لم يشرحه القاضي شهاب الدين الطبري؛ لأنه قال في أخباره سنة ثلاثين وسبعمائة: ووصل كتاب عفيف الدين الطبري يذكر فيه أمورا مما وقع للحجاج بمكة المشرفة، قال: وليس الخبر كالمعاينة، ولما كان يوم الجمعة عند طلوع الخطيب المنبر، حصلت شوشة ودخلت الخيل المسجد الحرام، وفيهم جماعة من بني حسن ملبين غائرين، وتفرق الناس وركب الأمراء من المصريين، وكانوا ينتظرون سماع الخطبة، فتركوها، وركب الناس بعضهم بعضا، ونهبت الأسواق، وقتل من الخلق جماعة من الحجاج وغيرهم، ونهبت الأموال وصلينا نحن الجمعة والسيوف تعمل، وطفت أنا ورفيقي طواف الوداع جريا، والقتل بين الترك والعبيد الحرامية من بني حسن، وخرج الناس إلى المنزلة، واستشهد من الأمراء سيف الدين ألدمر أمير جاندار وولده خليل، ومملوك لهم، وأمير عشرة يعرف بابن التاجي، وجماعة نسوة، وغيرهم من الرجال، وسلمنا من القتل، وكانت الخيل في إثرنا


١ العقد الثمين ٣/ ٤٤٧، والدرر الكامنة ٢/ ٧٩، إتحاف الورى ٣/ ١٨٥، وفيها أن ذلك كان سنة "٧٢٧ هـ" أو في التي بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>