للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك: غلاء كان في أثناء خمس وثمانمائة بيعت فيه الغرارة الحنطة بنحو خمسمائة درهما كاملية، والذرة بنحو ثلاثمائة وخمسين درهما كاملية، ودام ذلك أياما يسيرة١، ثم فرج الله علي بالناس قريبا بجلاب وصلت من سواكن، وبلغ المن السمن في هذه السنة مائة وخمسين درهما كاملية، والمن المشار إليه اثنتي عشرة أوقية، وقد تقدر مقدار الأوقية، وهذا أغلا قدر بلغ إليه سعر السمن فيما رأينا، وأرخص شيء بلغ إليه السمن فيما رأيناه، أن بيع المن السمن بنحو ثلاثين درهما كاملية، وخزنه الناس كثيرا بهذا المقدار، وبلغ في بعض السنين أيام الحج بمنى دون ذلك، وبلغني عن بعض المشايخ أنه رأى السمن يباع بمكة، كل من سمن باثني عشر درهما كاملية، كل أوقية بدرهم، قال: وخزنه الناس كثيرا بهذا السعر، وأما القمح فلم نره بلغ في الرخص ما بلغ في سنة ست وتسعين وسبعمائة، بيعت الغرارة الحنطة بسبعين درهما كاملية.

وبلغني عن بعض المشايخ، أن رآها بيع بمكة بأربعين درهما كاملية، وهذا يقرب من الرخص الذي نقله ابن الجزري عن ابن القدسية، وأما الذرة فرأيناها بيعت بمكة بأربعين درهما كاملية، وربما بيعت كل ثلاث غراير ذرة بمائة درهم كاملية وتسعين درهما، بتقديم التاء؛ وذلك بعد التسعين وسبعمائة، وهذا أرخص شيء رأيناه في سعر الذرة بمكة، ثم بلغت بعد ذلك بنحو الستين والسبعين في أوائل هذا القرن، ثم ارتفعت عن ذلك في آخر سنة إحدى عشرة وثمانمائة، وبلغت قريبا من مائة وخمسين ثم ارتفع سعرها وسعر الدخن، والحنطة، والشعير، والدقة، وسائر المأكولات في آخر سنة خمس عشرة وثمانمائة.

وفي سنة ست عشرة وثمانمائة ارتفع ارتفاعا لم يعهد مثله؛ لأن الغرارة الحنطة بكيل مكة قد بيعت في الجملة بعشرين إفرنتيا، وبيعت بعرفة بأزيد من عشرين كما سيأتي بيانه -إن شاء الله تعالى.

وكان ابتداء مشقة هذا الغلاء على الناس في آخر شهر رمضان، عن استقبال عيد الفطر المبارك من سنة خمس وعشرة ثمانمائة٢، بلغ ربع الحب الحنطة في هذا التاريخ اثني عشر مسعوديا، بعد أن كان بثمانية ونحوها، ثم صار يرتفع قليلا قليلا؛ حتى بلغ الربع: ثمانية عشر مسعوديا، ودام على ذلك إلى الموسم من سنة خمس عشرة وثمانمائة، وربما بلغ في ذي القعدة من هذه السنة سبعة وعشرين مسعوديا، وعند وصول المراكب إلى مكة من اليمن، ولم يكن ذلك إلا أياما قليلة، ثم عاد السعر إلى


١ إتحاف الورى ٣/ ٤٣٢.
٢ إتحاف الورى ٣/ ٤٩٨، ونزهة النفوس ٢/ ٣١٩، والسلوك ٤/ ١: ٢٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>