للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أرسل السلطان الغوري يطلب الشريف بركات إلى مصر، فاعتذر، وأرسل ولده الشريف محمد أبا نمي بن بركات إلى الديار المصرية فوصلها١ فقابل السلطان قانصوه فأكرمه وعظمه وأنعم عليه بإمرة مكة، ثم عاد إليها شريكا لأبيه وعمره يومئذ سبع سنوات وبضعة شهور٢ وكان وصوله إلى مكة في أواخر ذي القعدة الحرام بين يدي الحاج من السنة المذكورة، واستمر كذلك إلى أن كان عام ثلاث وعشرين وتسعمائة فاستولى السلطان سليم خان من آل عثمان على الديار الشامية والمصرية والحرمين الشريفين وجهز؛ فأصدر إلى مكة٣ للسيد بركات وابنه السيد أبي نمي باستمرارها في إمرة مكة، فتجهز حينئذ السيد أبو نمي، وسافر إلى القاهرة وقابل السلطان سليما٤ المذكور بمصر فأكرمه واحترمه وأقره هو ووالده على إمرة مكة، ثم عاد إلى مكة واستمر شريكا لوالده إلى أن أذن الله بوفاة والده السيد بركات في أثناء ليلة الأربعاء الرابع والعشرين من ذي القعدة الحرام عام إحدى وثلاثين وتسعمائة٥ وله من العمر إحدى وسبعون سنة.

ثم ولي بها بعده السيد محمد أبو نمي بمفرده ولقب بنجم الدين، ووصلت إليه الأحكام السلطانية السليمانية بولاية إمرة مكة في أواخر عام اثنين وثلاثين وتسعمائة فاطمأنت به الخواطر وقرت به النواظر واستمر منفردا بالولاية إلى عام ست وأربعين وتسعمائة.

ثم وليها ابنه السيد أحمد شريكا لوالده في هذا العام بعد وصوله إلى الديار الرومية ومقابلته للإمام الأعظم والخاقان المكرم الملك المظفر السلطان سليمان خان؛ فقوبل بالإكرام والرعاية والاحترام، وعاد إلى مكة في أول ربيع الأول عام سبع وأربعين وتسعمائة واستمر شريكا لوالده الشريف أبي نمي إلى عام خمسين وتسعمائة.

واستمر الشريف أحمد بن أبي نمي إلى رجب سنة إحدى وستين وتسعمائة شريكا لوالده، وانتقل إلى رحمة الله ودفن بالمعلاة، وهو الشريف أحمد وهو جد ذوي حراز وذوي قنديل من أشراف مكة، والله أعلم.

ثم أقام الشريف أبو نمي ولده الثاني الشريف حسن وعرض ذلك على الأبواب السلطانية السليمانية ففوض إليه الأمر، واستمر والده مشاركا له في الدعاء إلى أن مات


١ إن عمره آنذاك ١٢ عاما، على رواية القطبي "ص: ٢١٤ من تاريخ القبطي".
٢ هذا غير معقول، والصحيح أن عمره كان ١٢ عاما، كما سبق أن ذكرناه عن القبطي.
٣ أي مرسوما.
٤ تولى السلطان سليم حكم الدولة العثمانية من عام ٩١٧ حتى عام ٩٢٦هـ وهو الذي فتح مصر، ودانت له البلاد الخاضعة لحكم مصر ومنها الحجاز.
٥ وذلك في خلافة السلطان سليمان القانوني "٩٢٦-٩٧٤هـ".

<<  <  ج: ص:  >  >>