للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما كان من يومهم ذلك، وهي من قوله تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ} إلى قوله: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} [آل عمران: ١٢١-١٧٩] إلى آخر الآية.

وروى ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لما أصيب أخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طيور خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأتي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وحسن مقيلهم، قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله بنا؛ لئلا يزهدوا في الجهاد، ولا يلتووا عن الحرب، فقال الله تبارك وتعالى: فأنا أبلغهم"، فأنزل الله على رسوله: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} [آل عمران: ١٦٩] ... الآيات.

وروى البخاري في الصحيح عن عقبة بن عامر: قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على قتلى أحد بعد ثمان سنين كالمودع للأحياء والأموات ثم طلع المنبر، فقال: "إني بين أيديكم فرط وأنا عليكم شهيد، وإن موعدكم الحوض، وإني لأنظر إليه من مقامي هذا، وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا، ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها"، قال: فكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وروى أبو داود في سننه من حديث طلحة بن عبيد الله قال: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نريد قبور الشهداء حتى إذا أشرفنا على حرة واقم١ فلما تدلينا منها فإذا قبور، فقلنا: يا رسول الله، أقبور إخواننا هذه؟ قال: "قبور أصحابنا"، فلما جئنا قبور الشهداء قال: "هذه قبور إخواننا".

وروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في قتلى أحد: "هؤلاء شهداء؛ فأتوهم وسلموا عليهم ولن يسلم عليهم أحد ما قامت السموات والأرض إلا ردوا عليه".

وروى جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده: أن فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانت تختلف بين اليومين والثلاثة إلى قبور الشهداء بأحد، فتصلي هناك وتدعو وتبكي حتى ماتت رضي الله عنها.

وروى العطاف بن خالد قال: حدثتني خالة لي وكانت من العوابد قالت: ركبت يوما حتى جئت قبر حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، فصليت ما شاء الله، والله ما في الوادي داعٍ ولا مجيب وغلامي آخذ برأس دابتي، فلما فرغت من صلاتي قمت فقلت: السلام عليكم، وأشرت بيدي فسمعت رد السلام من تحت الأرض أعرفه كما أعرف أن الله سبحانه خلقني، فاقشعر جلدي وكل شعرة مني، فدعوت الغلام وركبت.


١ هي حرة مشهورة من حرار المدينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>