للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان يدخل منه النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو باب عثمان، ولما صرفت القبلة إلى الكعبة سد النبي -صلى الله عليه وسلم الباب الذي كان خلفه وفتح الباب الآخر حذاءه فكان المسجد له ثلاثة أبواب: باب خلفه وباب عن يمين المصلى وباب عن يساره، وجعلوا أساس المسجد من الحجارة وبنوا باقيه من اللبن، وفي الصحيحين: كان جدار المسجد عند المنبر ما كادت الشاة تجوزه، وقالت عائشة: كان طول جدار المسجد بسطة وكان عرض الحائط لبنة لبنة ثم إن المسلمين كثروا، فبنوه لبنة ونصفا ثم قالوا: يا رسول الله لو أمرت فزيد فيه قال: "نعم" فأمر به فزيد فيه، وبني جداره لبنتين مختلفتين ثم اشتد عليهم الحر، فقالوا: يا رسول الله لو أمرت بالمسجد فظلل، قال: "نعم"، فأمر به فأقيم له سواري من جذوع النخل شقة ثم شقة ثم طرحت عليها العوارض والخصف والإذخر، وجعل وسطه رحبة فأصابتهم الأمطار فجعل المسجد يكف١ عليهم، فقالوا: يا رسول الله لو أمرت بالمسجد يعمر فَطُين فقال لهم: "عريش كعريش موسى ثمام وخشيبات والأمر أعجل من ذلك"، فلم يزل كذلك حتى قبض -صلى الله عليه وسلم، ويقال: إن عريش موسى كان إذا قام أصاب رأسه السقف، قال أهل السير: بنى النبي -صلى الله عليه وسلم- مسجده مرتين؛ بناه حين قدم أقل من مائة في مائة فلما فتح الله عليه خيبر بناه، وزاد عليه في الدور مثله، وصلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه متوجها إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا ثم أمر بالتحول إلى الكعبة فأقام رهطا على زوايا المسجد؛ ليعدل القبلة، فأتاه جبريل عليه السلام، فقال: يا رسول الله ضع القبلة وأنت تنظر إلى الكعبة، ثم قال بيده: هكذا، فأماط كل جبل بينه وبينها فوضع القبلة وهو ينظر إلى الكعبة لا يحول دون نظره شيء، فلما فرغ قال جبريل: هكذا، فأعاد الجبال والشجر والأشياء على حالها، وصارت قبلته إلى الميزاب، أخبرنا أبو القاسم المظفري والأرحبي في كتابيهما عن أبي علي الأصفهاني عن أبي نعيم الحافظ، عن أبي محمد الخلدي، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن، حدثنا الزبير بن بكار، حدثنا محمد بن الحسن أبو زبالة، حدثني عبد العزيز بن أبي حازم، عن هشام بن سعد بن أبي هلال عن أبي هريرة قال: كانت قبلة النبي -صلى الله عليه وسلم- الشام، وكان مصلاه الذي يصلي فيه بالناس إلى الشام من مسجده موضع الأسطوانة المخلفة اليوم خلف ظهرك ثم تمشي إلى الشام حتى إذا كنت بين باب آل عثمان كانت قبلته في ذلك الموضع.

فضيلة المسجد والصلاة فيه:

أنبأنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن أحمد العطار، أخبرنا أبو سعد عمار بن طاهر الهمداني، حدثنا مكي بن عبد السلام الرميلي، أنبأنا عبد العزيز بن أحمد النصيبي، أخبرنا محمد بن محمد الواسطي، حدثنا عمر بن الفضل بن مهاجر، حدثنا الوليد بن


١ أي يقطر سقفه عليهم ماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>