للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحجرتها من لبن، فسألت ابن ابنها، فقال: لما غزا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دومة، بنت أم سلمة بلبن حجرتها، فلما قدم نظر إلى اللبن فقال: ما هذا البناء، فقالت: أردت أن أكف أبصار الناس، فقال: يا أم سلمة إن شر ما ذهب فيه مال المسلم البنيان، وقال عطاء الخراساني: أدركت حجر أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- من جريد النخل على أبوابها المسوح من شعر أسود، فحضرت كتاب الوليد بن عبد الملك يقرأ يأمر بإدخال حجر النبي -صلى الله عليه وسلم- في مسجده، فما رأيت باكيا أكثر من ذلك اليوم.

وسمعت سعيد بن المسيب يقول يومئذ: والله لوددت أنهم لو تركوها على حالها ينشأ ناس من أهل المدينة ويقدم القادم من الأفق فيرى ما اكتفى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حياته، فيكون ذلك مما يزهد الناس في التكاثر والفخر، وقال عمران بن أبي أنس: لقد رأيتني في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفيه نفر من أصحابه أبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو أمامة بن سهل وخارجة بن زيد يعني لما نقضت حجر أزواجه عليه السلام وهم يبكون حتى اخضلَّت لحاهم من الدمع، وقال يومئذ أبو أمامة: ليتها تُركت حتى يقصر الناس من البنيان، ويروا ما رضي الله عز وجل لنبيه -صلى الله عليه وسلم- ومفاتيح الدنيا بيده.

ذكر بيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها:

كان خلف بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن يسار المصلى إلى الكعبة وكان فيه خوخة إلى بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قام من الليل إلى المخرج اطلع منها يعلم خبرهم، وكان يأتي بابها كل صباح، فيأخذ بعضادتيه، ويقول: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: ٣٣] ، وقال محمد بن قيس: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا قدم من سفر أتى فاطمة -رضي الله عنها- فدخل عليها وأطال عندها المكث، فخرج مرة في سفر، فصنعت فاطمة مسكتين من ورِق "فضة" وقرطين وسترًا لباب بيتها؛ لقدوم أبيها وزوجها، فلما قدم عليه السلام ودخل عليها وقف أصحابه على الباب، فخرج وقد عُرِفَ الغضب في وجهه، ففطنت فاطمة أنما فعل ذلك لما رأى المسكتين والقلادتين والستر، فنزعت قرطيها وقلادتيها، ومسكتيها، ونزعت الستر، وأنفذت به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقالت للرسول: قل له: تقرأ عليك ابنتك السلام، وتقول لك: اجعل هذا في سبيل الله، فلما أتاه قال: "فعله، فداها أبواها -ثلاث مرات- ليست الدنيا من محمد ولا من آل محمد، ولو كانت الدنيا تعدل عند الله من الخير جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء"، ثم قام، فدخل عليها.

وقال محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لما أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الستر من فاطمة شقَّهُ لكل إنسان من أصحابه ذراعين ذراعين.

وقال ابن عباس: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قدم من سفر قبل رأس فاطمة رضي الله عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>