للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النوع الأول: يفيد إباحة المرخص به (أي تغيير حكم الفعل ووصفه) ما دامت حالة الضرورة قائمة، وذلك كأكل الميتة للمضطر بقدر دفع الهلاك عند المجاعة، وأكل لحم الخنزير، وإساغة اللقمة عن الغصة بالخمر، أو عند العطش، أو عند الإكراه التام لا الناقص.

هذه الأشياء تباح عند الاضطرار لقوله تعالى: (إلا ما اضطررتم إليه) . أي دعتكم شدة الحاجة لأكلها، والاستثناء من التحريم إباحة.

وكما رأينا فإن الاضطرار كما يتحقق بالمجاعة يتحقق أيضاً بالإكراه التام فيباح التناول (وقد يصبح واجباً) ويحرم الامتناع حتى لو امتنع حتى مات أو قتل كان آثماً؛ لأنه بالامتناع صار ملقياً بنفسه إلى التهلكة وقد نهى عن ذلك.

وأما إن كان الإكراه ناقصاً كحبس أو ضرب لا يخاف منه التلف، فلا يحل له أن يفعل.

النوع الثاني: نوع من الرخص لا تسقط حرمته بحال أي أن الفعل يبقى حراماً لكن رخص في الإقدام عليه لحالة الضرورة كإتلاف مال المسلم أو القذف في عرضه أو إجراء كلمة الكفر على لسانه مع اطمئنان القلب بالإيمان (إذا كان الإكراه تاماً) فهذه الأفعال في نفسها محرمة مع ثبوت الرخصة، فأثر الرخصة في تغيير حكم الفعل وهو المؤاخذة فقط (لا في تغييره وصفه أي حرمته، والامتناع عن الفعل) في هذا النوع أفضل حتى لو امتنع فقتل كان مأجوراً.

النوع الثالث: أفعال لا تباح بحال ولا يرخص فيها أصلاً لا بالإكراه التام ولا غيره كقتل المسلم أو قطع عضو منه أو الزنا أو ضرب الوالدين أو أحدهما، فهذه الأفعال لا يباح الإقدام عليها ولا ترتفع المؤاخذة ولا الإثم لو فعل مع الإكراه، لأنه قد تعارض هنا مفسدتان روعي أشدهما بارتكاب أخفهما: فقتل المسلم أشد من

<<  <   >  >>