تهديده بالقتل، ولو قُتِلَ في هذه الحالة كان مأجوراً ولو قَتلَ كان ظالماً.
لكن لو قتل في هذه الحال هل يقتص منه أو من المكره أو من كليهما؟ خلاف بين الفقهاء، ولو زنا تحت الإكراه التام فإنه يسقط عنه الحد للشبهة لكن لا يرفع الإثم.
وعلى هذا: فالضرورة في النوع الأول: ترفع حكم الفعل وصفته، فالفاعل لا يؤاخذ ولا يأثم، لأن الفعل أصبح مباحاً بل واجباً كما رأينا، ولكن لو اضطر لأكل مال الغير فعليه ضمانه؛ لأن الاضطرار لا يبطل حق الغير كما سبق وكما سيأتي.
والنوع الثاني: ترفع الضرورة فيه المؤاخذة فقط فالفاعل لا يأثم لكن لا ترفع الضرورة صفة الفعل ولا الضمان، إذ يبقى الفعل حراماً.
والنوع الثالث: لا ترفع الضرورة فيه المؤاخذة ولا الصفة ولا الضمان ولكن يدرأ الحد بالشبهة.
وبناء على ذلك فهذه القاعدة لا تتناول النوع الأخير لأنه لا يباح بحال من الأحوال فهو مستثنى من هذه القاعدة، ولكن يذكر هنا لبيان خروجه حتى لا يلتبس بالنوعين الأولين، ولأن بعض فروعه ومسائله وقع فيها الخلاف بين الفقهاء.
فالقاعدة إنما تتناول النوع الأول مع ثبوت إباحته، والنوع الثاني مع بقاء حرمته، والترخيص إنما هو في رفع الإثم كنظر الطبيب إلى ما لا يجوز انكشافه شرعاً من مريض أو جريح، فإنه ترخيص في رفع الإثم لا الحرمة، وكالاضطرار لأكل مال الغير عند المخمصة، فإنه لا يسقط حرمة مال الغير بل يسقط الإثم، ويجب عليه ضمانه أو الاستحلال من صاحبه.