للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان عدلاً، والحقوق لا يجوز فيها إلا ما يجوز في الحكم.

فإذا تأملنا في هذا النص وجدناه يعلل الحكم، بأكبر الرأي، وهو الظن الغالب وبناء عليه يفضل إعادة الوضوء في الصورة المذكورة ثم يفتي بجواز الصلاة إن لم يعد الوضوء بناء على القاعدة المقررة (اليقين لا يزول بالشك) .

هذا في الفقرة الأولى، أما الفقرة الثانية فهو ينص فيها على أصلين:

أولاً: كون خبر الواحد حجة في أمر الدين إذا كان عدلاً، ولقد ذكر هذه القاعدة في موضع آخر فقال: (ما كان من أمر الدين، الواحد فيه حجة، إذا كان عدلا) .

ثانياً: الحقوق لا يجوز فيها إلا ما يجوز في الحكم، أي لا يكفي فيها قول واحد ولو كان عدلاً، كما في أمر الدين، بل لا بد من شاهدين كما في الحكم، والله أعلم.

ولا شك أن مثل هذا المنهج في التعليل أقرب ما يكون إلى منهج التقعيد الذي وجد في القرون المتأخرة.

وأحياناً نجده يسلك طريق البدء بالقاعدة ويفرِّع بعض المسائل عليها كما يتمثل ذلك في النص التالي.

٣. وكل أمر لا يحل إلا بملك أو نكاح فإنه لا يحرم بشيء، حتى ينتقض النكاح والملك، ولا يكون الرجل الواحد المسلم ولا المرأة في لك حجة، إنه إنما حل من وجه الحكم ولا يحرم إلا من الوجه الذي حل به منه.

ألا ترى أن عقدة النكاح وعقدة الملك لا ينقضهما في الحكم إلا رجلان أو رجل وامرأتان، فإن كان الذي يحل بذلك لا يحل إلا به لم يحرم حتى ينتقض الذي حل، وكل أمر يحل بغير نكاح ولا ملك إنما يحل بالإذن فيه، فأخبر رجل مسلم ثقة أنه حرام فهو عندنا حجة في ذلك، ولا ينبغي أن يؤكل ولا يشرب ولا يتوضأ منه.

وقد وجدت هناك قواعد جامعة أخرى جرت على لسانه عند التعليل والتوجيه لبعض الأحكام، وإليك نماذج منها.

<<  <   >  >>