وفي حدود هذه الملامح السريعة لحدود شبه جزيرة العرب, تعرفت دول وشعوب العالم القديم على شبه الجزيرة وحاولوا تصورها في أقسام تتفق بشكل أو بآخر مع اهتماماتهم السياسية أو الاقتصادية أو مع معلوماتهم الجغرافية، كما قسمها علماء العرب في العصر الإسلامي إلى أقسام تعكس تصور سكان شبه الجزيرة أنفسهم لهذا التقسيم في العصر السابق للإسلام, وتعتبر دون شك استمرارا لهذا التصور. وفي هذا المجال فإننا نجد أنه في خلال الفترة الأولى التي بدأت فيها الدول والشعوب المحيطة بشبه الجزيرة العربية تهتم بالمنطقة، وهي فترة تمتد بين أواسط القرن التاسع ق. م. والنصف الثاني من القرن السادس ق. م. كانت هذه الدول والشعوب تُعنى بالقسم الشمالي فحسب من بلاد العرب, مع اختلاف في مدى امتداد هذا القسم من الشرق إلى الغرب أو عمقه من الشمال إلى الجنوب.
ففي عهد الملوك الآشوريين ابتداء من حكم الملك شلمنصر الثالث "٨٥٨-٨٢٤ق. م" كانت بلاد العرب حينما تذكر في سجلات هؤلاء الملوك تعني أقصى القسم الشمالي لشبه الجزيرة. وهو القسم الذي يشكله المعبر بين وادي الرافدين وسورية. وفي آخر عهد الدولة البابلية الحديثة نجد أن هذا التصور يتسع بعض الشيء, إذ نجد الملك نابونائيد "٥٥٦-٥٣٩ق. م. وهو الذي عرفه اليونان باسم نابونائيد NABONIDOS" يقيم بين السنة السابعة والسنة الحادية عشرة من حكمه في مدينة تيماء التي توجد جنوبي هذا المعبر "في القسم الشمالي
٧ ياقوت: معجم البلدان، مادة: حرة؛ moritz: المرجع ذاته، ص١٢. henri lammens: le berceau de l,lslam, l,arabie occidentale a la veille de l,hegire, الجزء الأول وهو الوحيد الذي ظهر "١٩١٤ romae" ص٧٣، hitti المرجع ذاته، ص١٧.