للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الغربي لشبه جزيرة العرب" كما يصل بحملاته جنوبا حتى يصل إلى يثرب "المدينة فيما بعد" وبذلك يكون قد دفع تصور البابليين عن بلاد العرب إلى حدود هذه المدينة٨. أما اليونان فقد عرفوها في أواسط القرن الثامن, أو بالأحرى أشاروا إلى المنطقة ضمنا عن أنها بادية الشام فحسب، وهو تصور كان سائدًا عند الآراميين كذلك، حسبما نستنتج من أحد النصوص الآرامية التي ترجع أحداثها إلى النصف الأول من القرن الثامن ق. م. فإذا وصلنا إلى الفترة بين أواخر القرن السادس وأواسط القرن الخامس وجدنا تصور الفرس لبلاد العرب يتراجع، على ما يبدو، إلى تصور الآشوريين، أي: إلى المعبر الصحراوي بين وادي الرافدين وسورية رغم ما يبدو في نص أكدي من عهد أحشويرش الإمبراطور الفارسي "٤٨٥-٤٦٥ ق. م." مما قد يشير إلى توسع في هذا التصور خارج هذه المنطقة٩.


٨ ANET: النصوص في صفحات ٢٧٩, ٢٨٣-٢٨٦، ٢٩١-٢٩٢، ٢٩٧-٣٠١، ٣٠٦ "الإشارة في هذا النص الأخير إلى مدينة تيماء وليست إلى بلاد العرب باللفظ"؛ luckenbill arab، يرد فيه ٣٧ نصًّا أولها في ج١ نص رقم ٦١١ من عهد شلمنصر الثالث "٨٥٨-٨٢٤ ق. م" وآخرها في ج٢، نص رقم ١٠٨٤ من عهد آشور بانيبال "٦٦٨-٦٢٦ق. م"
٩ التصور اليوناني المذكور يأتي في homeros: odysseia النشيد الرابع، سطر ٨٤، حيث يذكر العرب مباشرة بعد الصيدونيين مما قد يوحي بالجوار في تصور الشاعر "راجع بداية الحديث عن الكتاب الكلاسيكيين في الباب الخاص بالمصادر الكتابية في القسم الثاني من هذه الدراسة". عن التصور الآرامي the words of ahiqar, anet ص٤٢٠ "نقل النص الآرامي إلى الإنجليزية h,l. Ginsberg" النص الأكدي من عهد الإمبراطور الفارسي حشويرش xerxes "٤٨٥-٤٦٥ق. م" في anet، ص٣١٦ "نقله إلى الإنجليزية leo oppenheim". وفيه يأتي ذكر منطقة makai قارن maka عند سترابون XVI,٣.٢ "وهي عمان الحالية". ثم بعدها مباشرة "العربية" مما يوحي بمنطقة في وسط شبه الجزيرة, ولكن هذا التجاور اللفظي قد لا يعني التجاور على الطبيعة بالضرورة، فمن جهة نجد أن منطقتين من المناطق المذكورة في النص بعد "العربية" إحداهما الهند والأخرى قبادوقية "في آسيا الصغرى" رغم ورودهما واحدة بعد الأخرى مباشرة. كذلك فإن الثابت تاريخيا أن منطقة سيطرة الإمبراطورية الفارسية لم تشمل وسط شبه الجزيرة وإنما اقتصرت من هذه المنطقة على أطرافها الشمالية "بادية السماوة وبادية الشام" بين وادي الرافدين والمنطقة السورية.

<<  <   >  >>