الجنوبي لشبه الجزيرة. وقد اكتسبت هذه الشجرة أهمية خاصة في العصر القديم حين كان إحراق الطيوب يشكل قسما أساسيا من الطقوس أو الشعائر الدينية في كل العالم القديم. ليس فقط على صعيد المناسبات الرسمية، وإنما كذلك على صعيد الحياة اليومية, وحين كان اللبان يستخدم في كثير من الأغراض الطبية. وقد كانت هذه الأشجار هي السلعة الأساسية التي تحملها القوافل التجارية من جنوبي شبه الجزيرة لتجد طريقها إلى أسواق مصر والشام، ثم لتجد طريقها من موانئ الشام بوجه خاص إلى بلاد اليونان والرومان الذين كانوا يستخدمون كميات هائلة من الطيوب واللبان للأغراض الدينية والطبية ولأغراض الزينة التي تقوم مقامها الآن الروائح العطرية.
ولكن إذا كانت الأشجار, النخيل والبخور واللبان، قد وجدت في شبه جزيرة العرب تربة ومناخا ملائمين لظهورها, فإن حظ هذه البلاد كان أقل في مجال الأشجار الكبيرة التي تصلح لاستخراج الأخشاب اللازمة في بناء السفن والمعابد والبيوت. وربما وجد في بعض العصور قدر من هذه الأشجار في المناطق الجبلية والمناطق القريبة منها, حيث كان يغزر هطول الأمطار مما يؤدي إلى ظهور الأحراج والغابات في بعض مناطق اليمن مثلا. وربما كان يوجد مثل هذه الغابات في مناطق الحجاز وهو أمر قد يشير إلى تعبد أهل هذه المنطقة لإله اسمه "ذو غابة". ولكن إذا كان شيء من هذا قد وجد فلا بد أنه قل بدرجة واضحة في أواخر العصور القديمة حيث نجد سكان شبه الجزيرة يستوردون الأخشاب التي يحتاجون إليها من مناطق مثل الهند وإفريقيا. ولكن على أي الأحوال فإن أشجارا أخرى أقل من هذه في قيمة خشبها أو صلاحيته للأغراض المذكورة، مثل أشجار الأثل والطلح "الذي يستخرج منه الصمغ العربي" والأراك والغضا "الذي كان يحرق للحصول على الفحم" والسنط والسمح وغيرها٢٠.