أذهان العلماء إلى إمكانية وأهمية العمل في حقل التعرف على آثار ونقوش اليمن, وثانيهما هو الخريطة المفصلة التي ظهرت في هذا الكتاب لتبين مواقع وأماكن لم يكن يعرف بها أحد من قبل, الأمر الذي يسر الأمور بشكل ظاهر لمن أتى بعده من العلماء.
أما المرحلة الثانية فيمثلها توماس أرنو Thomas Arnaud الصيدلي الفرنسي الذي زار اليمن في ١٨٤٣ وكشف، بين أشياء أخرى, عن ٥٦ نقشًا. وأهمية رحلته العلمية هو إقبال المستشرقين على فك رموز الخط العربي الجنوبي الذي أطلقوا عليه بشكل عام في البداية اسم الحروف الحميرية. ثم تلت ذلك خطوتان هما تمكن هؤلاء المستشرقين من تقسيم هذه الحروف بشكل تخصيصي إلى ثلاث مجموعات هي الحروف الحميرية والحروف المعينية والحروف السبئية. أما الخطوة الثانية فهي التمكن من ترجمة كل النقوش التي اكتشفت في العربية الجنوبية حتى ذلك الوقت ثم جمعها والتعليق عليها في موسوعة النقوش السامية Corpus Inscriptionum Semiticarum.
وتتمثل المرحلة الثالثة في مجهودات عالمين آخرين هما الفرنسي جوزيف هالفي Joseph Halevy الذي وصل إلى نجران وصنعاء في ١٨٧٠, وتمكن من اكتشاف ٦٨٦ نقشًا من ٣٧ موقعًا، وإدوارد جلازر Edward Glaser العالم النمساوي الذي قام بأربع رحلات إلى اليمن بين ١٨٨٢، ١٨٩٤ كانت حصيلتها ألفي نص. وأهمية جهود هذين العالمين هي هذا العدد الهائل من النقوش التي عثروا عليها وسجلوها, وبفضل هذا العدد من النقوش تمكن المهتمون بدراسة تاريخ هذا القسم من شبه الجزيرة من التعرف الأعمق على خصائص اللغات العربية الجنوبية القديمة ومقارنتها بغيرها من اللغات السامية بما يستتبعه هذا من التوصل إلى معرفة عدد من العلاقات الداخلية والخارجية في صدد الاتصالات بين هذه المنطقة وغيرها من مناطق العالم القديم.
والمرحلة التالية في مجال التعرف على تاريخ اليمن القديم يمثلها من بين