أما عن الآثار المعمارية التي تتصل ببناء السدود، فلعل أبرزها بقايا سد مأرب في اليمن الذي كانت تحجز مياه الأمطار وراءه بحيث يمكن التحكم فيها من خلال عيون تفتح وتغلق حسب الحاجة، ومن هذه السدود كذلك سد السملّقي الموجود بأعلى وادي ليّه من ضواحي مدينة الطائف على مسافة ٣٥ كيلومترًا جنوبي المدينة المنورة بمنطقة الحجاز في شرقي شبه الجزيرة، وقد استمر وجوده في العصر الإسلامي ولا تزال معظم جوانبه قائمة، وسد الحصين الواقع إلى جنوبي خيبر في المنطقة الشمالية الغربية لشبه الجزيرة، ويمتاز هذان السدان الأخيران بطراز واحد هو طراز البناء المتدرج أي الذي يظهر فيه جسم السد على هيئة مدرجات. وعمارة السدود في المجتمع العربي قبل الإسلام تدلنا على أحد الشواغل الأساسية التي كانت تشغل سكان هذا المجتمع الذي كان "ولا يزال" يخلو من الأنهار بشكل تام، ومن هنا تصبح موارده المائية الوحيدة هي العيون أو الينابيع المبعثرة بشكل غير كافٍ في أغلب الأحوال في أرجاء شبه الجزيرة أو الأمطار التي تسقط بشكل موسمي؛ ومن ثم يصبح تجميعها والتحكم فيها في بقية مواسم السنة أمرا واردا في المناطق التي يسقط فيها قدر معقول من الأمطار يبرر الإقدام على بناء هذه السدود٥.
ثم نلاحظ في نهاية الحديث عن الآثار المعمارية، نوعا من الأبنية ظهر بوجه خاص في القسم الشمالي الغربي من شبه الجزيرة العربية "التي يقع قسم منها الآن في المملكة العربية السعودية وقسم في جنوبي الأردن" التي تكثر التكوينات الصخرية في عديد من مناطقها، وهو نوع من العمارة لا يتم عن طريق البناء، وإنما عن طريق النحت في هذه التكوينات الصخرية بحيث ينتهي هذا النحت في شكل غرف وأبواب وواجهات كبيرة وأعمدة وزخارف. ونحن نجد أمثلة كثيرة لمعابد وأضرحة نحتت في الصخر في مدينة البتراء "في جنوبي الأردن" التي كانت عاصمة لدولة الأنباط، وفي شمالي غربي المملكة