البقايا الأثرية نفسها" نعرف إلى أي حد ازدهر فن المعمار في اليمن بحيث حرص المهندسون المعماريون أو القائمون على هذه المباني على الربط بين أسمائهم وبين العمل المعماري الذي قاموا به أو أسهموا فيه بشكل أو بآخر. ومن بين هذه النقوش كذلك مجموعة تسجل أحداثا تاريخية مثل ذكر حملة عسكرية أو تسجيل انتصار, ومجموعة تسجل أوامر الشرطة والأوامر الإدارية الداخلية التي نتعرف من خلالها على اتجاهات الحكومات التي قامت في المنطقة في تنظيم مجتمعهم وإشاعة الاستقرار فيه, ثم مجموعة لها قيمتها بالنسبة لدارس النظم السياسية وهي تسجل بعض القوانين التي تكشف النقاب عن تطور دستور طويل عرفته المنطقة، وأخيرا هناك عدد من النقوش الجنائزية الموجودة على عدد من المقابر والتي تشير إلى بعض الشعائر والطقوس والأسماء التي تعطينا فكرة عن تقاليد السكان في هذا المجال, إلى جانب بعض المعلومات التي قد تساعدنا الأسماء الموجودة في النصوص على التوصل إليها بشكل غير مباشر عن طريق المقارنة مع نصوص أخرى.
ومن بين هذه النقوش اليمنية -على سبيل المثال- نص وجد منقوشا على حجر في الحائط الجنوبي لمنزل كشف الأثريون عنه في "تمنع" في وادي بيهان "في قتبان", والمنزل يدعى منزل "يَشَف". والنص يذكر شراء بعض أشخاص لهذا المنزل حسب القواعد والقوانين المرعية التي كانت سائدة في عهد الملك "شَهْرياجل يُهَرْجِبْ" ملك قتبان وعمه الوصي على العرش فرع كرب, والتي تباركها الآلهة "والنص يعدد هذه الآلهة". ومن تفصيلات النص يمكن للباحث أن يعرف شيئا عن عبادات منطقة قتبان وآلهتها، وعن بعض أنواع العمارة التي كانت سائدة في الفترة التي نقش فيها هذا النص, إذ إن النص يذكر لنا تفصيلات المبنى وغرفه وملحقاته، وعن نظام تسجيل العقارات، ثم نستطيع القول عن طريق المقارنة مع نصوص أخرى ظهر فيها اسم الملك المذكور في النص، أن هذا النص يرجع إلى أوائل القرن الأول ق. م.