ولم تكن هذه المنجزات مجرد نشاط حضاري ظهر وانقرض في الحدود المحلية للمنطقة. وإنما كانت منجزات أثرت في غيرها من المناطق واستمر تأثيرها كأساس للتطور الحضاري فيما بعد، فعن منطقة الشرق الأدنى أخذ اليونان دروسهم الأولى وطوروها، ثم أعادوها للشرق الأدنى في أعقاب فتوح الإسكندر كما صدروها للرومان، وعممها هؤلاء في الإمبراطورية الرومانية التي شملت كل حوض البحر المتوسط وجزءًا من منطقة الشرق الأدنى، وعن هذا التراث كله أخذ العرب بعد ظهور الدعوة الإسلامية والفتوح العربية التي أعقبتها وطورها وأضافوا إليها. وعنهم وعما تبقى من التراث اليوناني الروماني أخذت أوروبا في عصر النهضة أو عصر الإحياء "القرن السادس عشر الميلادي"، وفي بدايات العصر الحديث، لتطورها بدورها وتنشرها في العالم الحديث بما فيه الوطن العربي، ليسترد بذلك جزءًا من تراثه القديم في صورته المتطورة الحديثة.