للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوراء قليلا لنرى ما تقوله التوارة عن عهد سليمان "٩٧٠-٩٣٧ ق. م". فقد وجه سليمان اهتمامه إلى ناحية التجارة البحرية واتخذ ميناء عصيون جابر "بجوار ميناء إيلات" على البحر الأحمر مرفأً أساسيا لهذه التجارة. وقد كان هذا دون شك ضربة للموانئ الفلسطينية على شاطئ البحر المتوسط، كما كان في الوقت ذاته ضربة إلى الأطراف الشمالية للطرق البرية التي توصل إلى موانئ الفلسطينيين، وهي الأطراف التي تمر بالضرورة في أراضي العرب المحيطين بفلسطين وتعتبر موردا اقتصاديا حيويا بالنسبة لهم٣٥.

مثال آخر من الأمثلة التي تقدمها التوراة في تصوير هذه العلاقات العنيفة بين العرب والعبرانيين نرى فيه الملك عزيّا ملك يهوذا وقد حارب الفلسطينيين والعرب المقيمين بمنطقة "جُور بَعْل" والمعونيين وهدم أسوار مدنهم وأخذ جزية من العمونيين٣٦. وهنا تقابلنا مشكلة تحديد هذه الأماكن الثلاثة, جور بعل وأرض المعونيين وأرض العمونيين. فلفظة "جور" تعني في العبرية "مسكن" ومن ثم فمنظمة جور بعل معناها الحرفي مسكن بعل وتشير بذلك إلى منطقة تسود فيها عبادة هذا الإله والمنطقة السورية بأكملها كانت تعرف عبادة هذا الإله. لقد ذهب أحد الباحثين إلى أن المنطقة توجد على حدود الحجاز الشمالية، وليس من المستبعد، قياسا، أن تكون هذه العبادة قد انتشرت من سوريا إلى الحجاز, فالعقائد الدينية المرتبطة بعدد من الآلهة القديمة انتشرت في أحيان عديدة خارج المناطق التي ظهرت بها، كما أن طرق القوافل التي تربط بين الحجاز وسورية كان من الممكن أن تساعد على انتقال


٣٥ عن الاتجاه البحري لسليمان راجع، سفر الملوك الثالث، إصحاح ٩: ٢٦, والباب الخاص بالعلاقات الخارجية لشبه الجزيرة القسم الثالث من هذه الدراسة.
٣٦ إخبار الأيام الثاني، إصحاح ٢٦: ٦-٨.

<<  <   >  >>