للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ملك يهوذا بأن يفرض جزية عليها دون تهديمها، فهي ربة عمون التي كانت تقع جنوبي عمان الحالية بمسافة قصيرة على الخط التجاري٣٩.

وإذن فنحن أمام حلف قوامه الفلسطينيون والقبائل العربية المجاورة لهم وعمان والمعينيون الشماليون. ومن مواقع المشتركين في هذا الحلف نستطيع أن نتعرف على هوية التحالف بينهم. إن للفلسطينيين موانئ على ساحل البحر المتوسط حيث تصب نهايات الخط التجاري الآتي من جنوبي شبه الجزيرة العربية، والقبائل العربية في جور بعل تمر بها نهايات هذا الخط التجاري التي توصل في أشواطها الأخيرة إلى الموانئ الفلسطينية، وعمون تقع في طريق هذه القوافل، أما المعونيون "وهم المعينيون كما رأينا"، وموقعهم إلى الجنوب قليلا، فبأرضهم يمر الخط التجاري المذكور، بالإضافة إلى ميناء تجارية لهم على البحر الأحمر هي ميناء إجرا "الحجر" أو الوجه حاليا. وهذا الحلف تجمعه مصلحة مشتركة هي المصلحة التجارية، ونحن نستطيع أن ندرك الحجم الحقيقي لهذا التحالف التجاري الحربي إذا عرفنا من التوراة أن عزيا ملك يهوذا استولى على المدن والموانئ الفلسطينية وأعاد بناء إحدى هذه الموانئ على الأقل وهي ميناء أشدود، وأنه أراد أن يحدث تغييرا جذريا في الخطوط التجارية البرية التي كانت تصل إلى الموانئ الفلسطينية وذلك بعد أن استعاد ميناء إيلات "على رأس خليج العقبة"٤٠ وهو أمر يستطيع من خلاله أن


٣٩ عن موقع عمون على الطريق التجارية بين بصرى والبتراء راجع: "rene dussaud: la penetration des arabes en syrie avant l'lslam ١٩٥٥ paris". ص١٥٤. راجع كذلك خريطة رقم ٢ في: krammer: petra et "paris ١٩٢٩" la nabatene. عن استقرار المعينيين حول منطقة العلا الحالية في شمالي غربي شبه الجزيرة راجع dussaud: ذاته، ص ٤٨.
٤٠ إخبار الأيام الثاني، إصحاح ٢٦: ٢ و٦-٨ ويجدر بنا في هذا الصدد أن نشير إلى أن العرب كانوا قد بدءوا قبل هذه الفترة ينضمون إلى تحالفات في هذه المنطقة ضد بعض القوات التي تريد اجتياحها والسيطرة عليها, وذلك حسبما تشير الملابسات وموقع المنطقة حرصا على مصلحة تجارية تتأثر بهذه التحركات، كما حدث على سبيل المثل حين انضم جندبو -وهو زعيم عربي- بقوة عسكرية من راكبي الجمال إلى الحلف المؤلف من ملوك دمشق وحماة وأرواد ومدن سورية أخرى ضد الملك الآشوري شلمنصر الثالث "٨٥٨-٨٢٤ ق. م." في السنة السادسة من حكمه, راجع النص في ANET ص٢٧٩، عن مناقشته راجع الباب الخاص بالوضع السياسي في مجتمع شبه الجزيرة في القسم الثالث من هذه الدراسة.

<<  <   >  >>