يجعل هذه الميناء نهاية الطريق التجارية الآتية من البحر الأحمر وبداية للطرق التجارية إلى موانئ الشاطئ الفلسطيني وهكذا تصبح ميناء إيلات منافسا خطيرا لميناء الحجر المذكور والتي كان المعينيون يعتمدون عليها في تجارتهم البحرية إلى جانب اعتمادهم على خط القوافل في تجارتهم البرية.
أما المثال الثالث الذي سأقدمه من التوراة كمصدر من مصادر التعرف على العلاقات بين عرب شبه الجزيرة "أو بالأحرى أطرافها الشمالية الغربية" وبين العبرانيين، وفيه يتعادل الفريقان بشكل أو بآخر، فهو يرجع إلى فترة ما بعد عودة العبرانيين من السبي البابلي، وفيها نجد نحميا اليهودي يطلب من ارتَحَشْتا الإمبراطور الفارسي "٤٦٤-٤٢٤ ق. م" أن يسمح له ببناء سور حول القدس. وهنا تذكر التوراة أن نحميا وجد معارضة من عدد من زعماء المنطقة من بينهم طوبيا العموني وجشم العربي, ولكن هذه المعارضة لا تتمخض عن مواجهة عسكرية كما رأينا في المناسبتين السابقتين وإنما تقتصر على مؤامرات وحيل من الطرفين تنتهي بنجاح نحميا في بناء السور الذي يريده٤١. ونحن نستطيع أن نفهم ما جاء في التوراة إذا نظرنا إلى الوضع السياسي الذي كانت تمر به المنطقة بأكملها، وهو أنها قد أصبحت في ذلك الوقت جزءًا من الإمبراطورية الفارسية التي شملت كل بلاد الشرق الأدنى ومن ثَمَّ لم يكن هناك مجال لمواجهة عسكرية وإنما لمؤامرات داخلية لا تصل إلى حد هذا النوع من المواجهة، وبخاصة إذا كان الإمبراطور الفارسي هو الذي أعطى الإذن ببناء السور.
ولا تقتصر التوراة كمصدر تاريخي على التعريف بعلاقات العرب والعبرانيين