أكبر عون للإنسان الأول في انتقالاته المائية. كذلك فإن عاملا آخر ييسر إلى حد كبير اتصال المجموعات البشرية الأولى، وهو تقارب شواطئه المطلة على القارات الثلاثة: آسيا وإفريقيا وأوروبا لدرجة تكاد تصل إلى التلاصق في بعض الأحيان، فنحن نجد مثلا هذا التقارب الشديد بين الشاطئ الآسيوي والأوروبي عبر مداخل البحر الأسود، ونلحظه مرة أخرى بين الطرف الجنوبي الغربي لشبه جزيرة إيطالية والطرف الشمالي الشرقي لقرطاجة "تونس الحالية" عبر جزيرة صقلية, في المنطقة الوسطى للبحر المتوسط، ثم نشاهده مرة ثالثة في أقصى الغرب بين الطرف الجنوبي لشبه جزيرة إيبرية الأوروبية وبين الطرف الشمالي الغربي للقارة الإفريقية، وليس هذا كل شيء فبين شبه جزيرة آسيا الصغرى وبين الشواطئ الأوروبية في شبه جزيرة البلقان عدد من الجزر الصغيرة والكبيرة يبلغ عدة مئات تكاد تشكل جسرا متصلا بين القسم الآسيوي والقسم الأوروبي من منطقة نشوء الحضارات، وهوجسر كان له أكبر الأثر في تيسير التحركات البشرية في العصور الأولى للنشاط الحضاري الإنساني. هذا إلى وجود عدد من الجزر الكبيرة التي تمتد من شرقي البحر المتوسط إلى غربيه لتشكل ما يمكن أن نعتبره محطات تساعد الملاح الأول على الانتقال في هذا البحر. من بينها، ابتداء من الشرق إلى الغرب، جزيرة قبرص وجزيرة كريت وجزيرة صقلية وجزيرتا قورصقة وسردينية.