للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تفسيرهم أن الشبه بين الاثنين هو البهاء، وإذا شبهت بالظبي فإن ذلك لطول جيدها وهذه علامة جمال، فإذا كان التشبيه بالمهاة فإن ذلك سببه الحور في العينين وهكذا، هـ. ولكن يبقى هذا التفسير قاصرًا على بعد واحد من أبعاد الشعر، ويبقى هناك البعدان الآخران لتفسير هذا الشعر حتى نفهمه على وجهه الكامل، وهما البعد السيكولوجي والبعد الميثولوجي -ومن خلال التفسير الذي يتصل بهذا الأخير "الميثولوجي" يجب أن نبحث عن الأساطير التي تضم المعتقدات الدينية للمجتمع الجاهلي من خلال الصور التي يزخر بها شعر هذا المجتمع، ومن خلال التفسير الذي يتصل بالبعد السيكولوجي يجب أن نستكمل صورة هذه المعتقدات.

وقد قدم باحث معاصر تفسيرًا ميثولوجيًّا مقنعًا لعدد من الصور التي ترمز إلى الشمس وإلى الزهرة كمعبودين من الثالوث الكواكبي الذي شاعت عبادته في مجتمع شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، و. وابتدأ الباحث من أمر ثابت هو أن الشمس صورت في النقوش السامية الشمالية في صورة امرأة عارية تعبيرًا عن الأنوثة والخصوبة وأن عديدا من الدمى أو التماثيل الصغيرة التي عثر عليها المنقبون الأثريون في عدد


هـ- السبب المرجح لهذا المنهج هو أن شرَّاح أو مفسري الشعر في العصر الإسلامي كانوا قد ضربوا صفحًا عن أية إشارة ميثولوجية من العصر الجاهلي، فالصور الميثولوجية المتصلة بالضرورة بالعقائد الوثنية كان قد أُلقي دونها الستار بالضرورة منذ ظهور العقيدة الإسلامية التي وضعت حدا نهائيا لأساطير الأولين وحددت للمسلمين التصور الوحيد المقبول للعلاقة بين الإنسان والقوة الإلهية -وهو أمر يزداد ترجيحه إذا أدخلنا في اعبتارنا أن مفسري القرآن والحديث كانوا كثيرًا ما يستشهدون بالشعر الجاهلي سواء في تحديد المعنى المقصود من بعض الألفاظ أو في قضايا جانبية أخرى.
و إبراهيم عبد الرحمن محمد: الشعر الجاهلي، قضاياه الفنية والموضوعية "القاهرة، نشر مكتبة الشباب, ١٩٧٩" ٢٣٤-٢٥٩.

<<  <   >  >>