للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من المناطق "من بينها مناطق تسكنها شعوب سامية" تمثل الآلهة الأم في هيئة امرأة لا تتضح معالم وجهها وإنما تتضخم أعضاء جسمها التي تتصل بالخصوبة والأمومة، ز. وانتهى إلى أن الشعر الجاهلي يضم قدرًا كبيرًا من الصور التي تمثل المرأة والتشبيهات التي شبهت بها في صورة مثالية ترمز إلى الشمس الآلهة الأم من جهة، وإلى الزهرة الآلهة البنت التي تقابل إنانا في وادي الرافدين وعشتار في سورية وأفروديتي عند اليونان وفينوس عند الرومان من جهة أخرى، بكل ما يرتبط بصورها هذه من مواقف الحب الجسدي التي تزخر بها أساطير هذه المجتمعات.

وأول ما يلاحظه الباحث في هذا المجال هو أن الأوصاف التي يقدمها الشعراء الجاهليون لصاحباتهم أو محبوباتهم يجمعون فيها كل الصفات المثالية للمرأة الجميلة "وفي بعض الأحيان يجمع الشاعر منهم كل هذه الصفات في قصيدة واحدة كما فعل امرؤ القيس في وصف صاحبته فاطمة، وقيس بن الحطيم في وصف صاحبته عمرة": قدها، شعرها، وجهها, نظرتها، فمها، لعابها, ترائبها، خصرها، سيقانها، رائحتها، مشيتها، وهكذا. وفي هذا الصدد نلاحظ أمرين: أحدهما هو أن كل تفاصيل الجمال الواردة نمطية لا تختلف من شاعر لشاعر وهو أمر غير معقول؛ إذ لا يتصور أن تكون كل صاحبات الشعراء نسخة مكررة, والأمر الثاني هو أنه من غير المعقول أن تجتمع كل تفاصيل الجمال


ز- المرجع ذاته، ص٢٤٠، ومراجعه في حاشية ٩ وكذلك ص ٢٤٩ ومراجعه في حاشية ٢٨. ولتأييد مراجع الباحث أضيف أن عددًا كبيرًا من تماثيل الآلهة الأم قد وجد في وادي الرافدين في المناطق التي عثر فيها على مخلفات مرحلة حضارة تل حلف ومرحلة حضارة العبيد "وهي تماثيل نجد مثيلًا لها في مخلفات الحضارة المينوية في كريت ومخلفات الحضارة الحيثية في الأناضول بآسيا الصغرى" راجع:
G. Roux: Ancient Iraq "Pelican ed. ١٩٤٦" PP.٦٥,٦٧,٦٩-٧٠.

<<  <   >  >>