"حتى بصرف النظر عن نمطيته" في امرأة واحدة، وهكذا لا يمكن أن تكون الأوصاف التي يقدمها هذا الشاعر أو ذاك هي أوصاف صاحبته بالذات, وأزيد على هذين الأمرين أمرًا ثالثًا متصلًا بهذا الأمر الثاني, وهو أن الشاعر غير مجبر على وصف كل تفصيلة من تفاصيل جسم صاحبته أو صفاتها، إذا لم تكن كل هذه التفاصيل جميلة "وهو الأمر الطبيعي" ولكن الشعراء دأبوا مع ذلك على وصف كل هذه التفاصيل", ومن ثم فإن المعقول والممكن هو أن تكون الصورة المقدمة هي صورة "المرأة المثال" التي لا يمكن أن تكون إلا صورة مجسدة من الآلهة المعبودة بكل ما في هذه الآلهة من أوصاف وصفات مثالية، وكأن الشاعر يقول: إن صاحبتي آلهة في جمالها.
ويدعم هذا الافتراض صور التقديس التي تحيط بالمرأة، بشكل أو بآخر, عند ذكرها في عديد من المناسبات عند شعراء الجاهلية، فهي عند امرئ القيس تضيء الظلام كأنها "منارة ممسي راهب متبتل"، وعند ابن الخطيم "تمشي كمشى الزهراء" كما أنها قد "نمتها اليهود إلى قبة دوين السماء بمحرابها", وعمرو بن معد يكرب يمشي "حولها ويطوف فيها" وحتى الأعشى الذي يتهكم بالمرأة، ح، يتحدث عن "محرابها" وعن قومها الذين "يمشون حول قبابها" درءًا للمتطفلين وحذرًا من أن "يطاف ببابها" وهكذا.
كذلك يدعم ربط صورة المرأة المثالية بالشمس المعبودة الأوصاف
ح- يرد الباحث تهكم الأعشى بالمرأة مع بقاء مظاهر التقديس متصلة بصورتها إلى ما بدأ يصيب عبادة الكواكب من شك على أيدي الشعراء الذين أخذوا يتصلون في أواخر العصر الجاهلي بأصحاب الديانات السماوية التي عرفت في شبه الجزيرة العربية آنذاك "المسيحية واليهودية" والحنيفية. المرجع ذاته، ص ٢٤٣.