للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التي ترد في الشعر الحاهلي والتي تربط بين لون الشمس ولون المرأة، فطرفة بن العبد يرى أن فم صاحبته قد "سقته إياه الشمس" كما يرى أن وجهها "نقي اللون" "كأن الشمس ألقت رداءها عليه". كذلك نجد الشعراء في هذا الصدد يرون من علامات الجمال فيمن يتغزلون فيهن أن يميل لونهن إلى الصفرة "التي هي لون الشمس" سواء أكانت هذه الصفرة طبيعية أم نتيجة لاستخدام طيوب التجميل، فصاحبة امرئ القيس "كبكر مقاناة البياض بصفرة" وصاحبة ابن الخطيم تبدو "كأنما شفَّ وجهها نزف" فبدا شاحبا مصفرا, يتغزل في فتاة لا تزال "غريرة" في عنفوان صباها فيذكر أنها "كالحقة الصفراء".

كذلك نجد وصفًا من أوصاف المرأة يتردد كثيرا فيما وصل إلينا من الشعر الجاهلي، ويصل بين المرأة والشمس من جهة, والزهرة من جهة أخرى، وهو النور الذي يبرز مقترنًا بالندى "والإشارة واضحة إلى الفجر حيث مقدمات الشروق" حين يتحدث طرفة عن فم صاحبته عند ابتسامها فيخيل إليه "كأن منوّرًا تخلل حد الرمل دعص له ندى"، كما نجد أن صاحبة امرئ القيس "تضيء الظلام بالعشاء"، كما "يضيء الفراشَ وجهُها لضجيعها" وهكذا.

ثم يخلص الأستاذ الباحث بعد ذلك إلى الصفة الموضوعية الأساسية, وهي صفة الخصوبة التي تمثلها أشعة الشمس وأمومة المرأة. وهنا نجد الشعراء الجاهليين يشبهون المرأة بالغزالة والمهاة والنخلة والظبية وهي في حالات الأمومة وما يتصل بذلك من فكرة الإخصاب، فهم يقدمون المرأة في عدد من الصور من بينها "الظبية الخذول" "أي: التي خذلت صواحبها وأقامت على رعاية ولدها"، والمهاة المطفلة "أي: كثيرة الأولاد"، والنخلة الموسقة "أي: التي نضج ثمرها ونضج حملها" وبيضة الخدر، ط،


ط المرجع ذاته، ص٢٥٠.

<<  <   >  >>