الغساسنة والمناذرة, ويوم خزازي بين نزار واليمن, ويوم عراعر بين عبس وكلب, ويوم ذي قار بين شيبان والفرس وغيرها. كذلك هناك الأسلحة التي نستطيع أن نتعرف على أنواعها مما جاء في الشعر الجاهلي مثل: البيضة والترس والدرع وتفاصيلها وأنواعها مثل: البدن والحلق والدلاص والزعف والقد واللأمة والماذية، والأسماء التي أعطاها عرب الجاهلية للرمح مثل: الأسل والأسنة والخطي، وتلك التي أعطوها للسيف مثل: الأبيض والباتر والحسام والمهند والعضب والفيصل والقضيب والمشرفي واليماني والهندواني, إلى آخر هذه الأوصاف التي يلقي عدد منها ضوءًا على المناطق التي كانت تصنع فيها أو تستورد منها وعلى الطراز التي كانت تتبع في صناعتها.
ولا أريد أن أستطرد في ذكر كل الجوانب التي تطرق إليها الشعر الجاهلي كمرآة لحياة المجتمع؛ يتطرق في الواقع إلى كل جوانب الحياة في هذا المجتمع, وإنما أشير إلى ما تبقى منها مجرد إشارة في نهاية هذا الحديث. فبعضها يخص أنواع المعبودات والمعتقدات والتقاليد والعادات، وبعضها يخص الكواكب والأبراج، وقد كان العلم بها أو تصورها بشكل أو بآخر أمرا مهما بالنسبة لمجتمع شبه الجزيرة, التي كانت مراقبة النجوم في سمائه الصافية أمرا أساسيا لتحديد الاتجاه في الامتدادات الصحراوية المتشابهة في كثير من الأحيان، بينما كانت قراءة الطالع ممارسة متعارفًا عليها للتنبؤ بأحداث المستقبل حتى التصور السائد في هذا المجتمع. وأخيرا فهناك أنواع النبات والحيوان التي عرفها مجتمع شبه الجزيرة في العصر الجاهلي والتي لا تكاد تخلو منها قصيدة من قصائده، وهنا يستطيع الباحث أن يعرف مدى أهمية بعض هذه الحيوانات بالنسبة لابن المجتمع العربي الجاهلي بتتبعه مدى الترداد في ذكر هذا الحيوان أو ذاك أو التفصيل في ذكر أحواله وأنواعه وحركاته ومراحل نموه وألوانه وهكذا، كما هو الحال، على سبيل المثال، فيما يخص الإبل والخيل والظباء.