للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكتب خلالها "٢٧٥-١٩٤ق. م." فيذكر عن بلاد العرب الميمومة "وهي شبه الجزيرة، اتجاهًا نحو الجنوب، فيما يلي رأس خليج العقبة -أيلة- غربا, ورأس الخليج العربي "الفارسي" شرقا" أن "أول قوم يقطنون بلاد العرب الميمونة، فيما يلي السوريين وأهل يهودية, هم قوم يعملون بالفلاحة، وبعد هؤلاء نجد الأرض رملية جرداء تنتج قليلًا من أشجار النخيل وبعض الأشجار الشوكية وأشجار الطرفاء MYRIKE، ويعمد أهلها إلى حفر الآبار ليحصلوا على مياه الري.... أما المناطق التي تقع في أقصى الجنوب في المنطقة المقابلة للحبشة فترويها أمطار الصيف وتبذر أرضها مرتين كل عام"٩. وهو حديث كما نرى، يشير إلى درجات متفاوتة من الزراعة، مبتدئا بالزراعة العادية في الشمال، ومثنيا بالخفيفة في الوسط، ومنتهيا بالزراعة المكثفة في الجنوب.

أما آيات القرآن الكريم، الذي يشير إلى أحوال شبه الجزيرة العربية في أواخر العصر الجاهلي، فهي تتواتر لتثبت لنا أن الزراعة كانت موردا أساسيا ومرموقا في الوقت نفسه بين الموارد الاقتصادية لشبه الجزيرة العربية بأكملها, وقد عبرت الآيات القرآنية عن ذلك بأكثر من طريقة. فمن جهة نجد القرآن الكريم يتحدث عن الأطوار المتعددة التي يمر بها الزرع, ابتداء بإعداد الأرض وانتهاء بنضج المحصول، فهو يشير إلى حرث الأرض بداية ثم نمو الحبوب في باطن الأرض ثم الري واستواء الزرع على سيقانه ثم تركيب السنابل ثم الحصاد. كذلك يشير بوجه عام إلى الزرع واختلاف أنواعه، ثم يعدد بشكل مفصل بعض هذه الأنواع مثل: الحب والنخيل والأعناب وعدد من الفواكه الأخرى. كذلك يشير في عدد كبير من الآيات إلى قيمة الزراعة كمورد اقتصادي أساسي مرموق، فنجد إبراهيم -عليه السلام- يحس بوطأة المكان الذي اتخذه لذريته -وهو مكان غير ذي زرع- ويبتهل إلى الله أن يرزق


٩ منقول في، STRABO: xvi,٤:٢.

<<  <   >  >>