للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من دمار كان بين أبرز آثاره أنه لم يترك جذع نخلة في مدينة تيماء "في شمالي غربي شبه الجزيرة" إلا اقتلعها، وفي هذا إشارة متضمنة إلى شهرة هذه المدينة بوفرة أشجار النخيل بها. كذلك نجد هذا الملك في قصيدة أخرى يصف بعض حسان الطبقة الاجتماعية الموسرة وقد ارتدين ثيابًا ملونة من قماش موشًّى جاء من أنطاكية، فلا يجد ما يشبه به لونها وجمالها، سوى لون التمر الذي لم يكتمل نضجه، ولبيد بن ربيعة وهو من سادة بني ربيعة، يفخر في معلقته بفرسه فيشبهها، إذا رفعت عنقها، بنخلة طويلة لا يكاد يصل إلى قمتها من يريد قطف ثمارها. ثم يصف الشاعر نعمة الله على الأبرار فيذكر أن الله يرزق هؤلاء أشجار نخيل طويلة كثيرة الحمل من التمر١٣. وربما كانت إحدى الملاحظات اللغوية التي قدمها باحث حديث عن النخل والتمر من بين الملاحظات التي لا تخلو من مغزى في هذا الصدد، إذ يشير هذا الباحث إلى أن لفظة "نخل" مصدر يفيد معنى استخلاص الشيء الطيب من غيره من الشوائب "من فعل نَخَل"، فهذه الشجرة، إذن، هي خلاصة الشجر جميعا، كذلك لفظة "تمر" التي هي نطق آخر للفظة "ثمر" وكأنما المقصود هو أن الثمر إذا ذكر وحده فلا بد أن يكون تمر النخيل أولًا وقبل كل شيء، فإذا كان المقصود ثمرا آخر فلا بد أن يحدد نوعه. هذا إلى ما نراه في المخربشات التي تركها سكان شبه الجزيرة في العصر السابق للإسلام في مواضع


١٣ بيت امرئ القيس عن نخل تيماء في شيخو والبستاني: المجاني، المعلقة، بيت ٧٥:
وتيماءَ لم يُترك بها جذع نخلة ... ولا أُطُمًا إلا مشيدًا بجندل
وبيته عن تشبيه ثياب الحسان في, ذاته، قصيدة لدى أم جندب، بيت ١٠:
علوْنَ بأنطاكية فوق عَقمَة ... كجِرمَة نخل أو كجنة يثرب
بيت لبيد في وصف فرسه، المرجع ذاته، المعلقة، بيت ٦٦:
أسهلت وانتصبت كجذع منيفة ... جرداء يحصر دونها جرامها
بيته في رزق الأتقياء، ذاته، قصيدة إلى الله القرار، بيت ٤:
يوم أرزاق من يُفضِّل عُمٌّ ... موسقات وحُفَّل أبكار

<<  <   >  >>