للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا المحصول، وعندئذ لا يحق لمبتاع أن يتذمر من شرائه. وأخيرا، وليس آخرًا، في هذا الصدد، فإن النصوص العربية الجنوبية تعرفنا، إلى جانب عدد من المعاملات الزراعية، بنوع من الجمعيات التعاونية لكل منها مجلس يتألف من ثمانية أشخاص يقوم على إدارة شئون الإقطاع الزراعي من تهيئة البذور والإشراف على العمل وإدارته ودفع حصة المعبد من المحصول، وحصة الحكومة "أي الضريبة المستحقة لها" وبيع المحصول أو توزيعه وهكذا١٢.

أما عن المحاصيل فكانت متعددة، وتشير النقوش العربية الجنوبية والقرآن الكريم إلى عدد لا بأس به، سواء في ذلك الفواكه أو الحبوب أو الخضراوات، ولكن تبرز من بين هذه المحاصيل والثمار ثلاثة أنواع بوجه خاص هي النخيل والأعناب والحبوب. ويحظى النخيل وما ينتجه من تمر الأهمية الأولى في شبه الجزيرة، وقد كانت وفرة النخيل بسبب ملاءمة مناخ شبه الجزيرة لنموه، هي دون شك التي دفعت به إلى المقدمة لكي يصبح العنصر الغذائي الأساسي لسكان هذه المنطقة. يتخذه البدوي طعاما، كما مر بنا في مناسبة سابقة، إلى جانب شيء من حليب النوق وفي بعض المناسبات القليلة شيء من لحم الإبل، ويصنع من نواه المدقوق أقراصًا يعطيها لإبله علفًا، ويتخذه الحضري طعاما إلى جانب أنواع أخرى لا يتيسر للبدو. ويبدو اهتمام سكان شبه الجزيرة قبل الإسلام بالنخيل من طريقة ذكره في أشعارهم ومن ورود ذكره عند مختلف الطبقات الاجتماعية التي ينتمي إليها هؤلاء الشعراء.

وفي هذا المجال نجد امرأ القيس، وهو ملك ينتمي إلى أعلى طبقة اجتماعية, يصف في معلقته مطرا عنيفا في غزارته فلا ينسى أن يذكر ما سببه هذا المطر


١٢ عن الجمعيات الزراعية وإدارتها راجع النص في HALEVY: ١٤٧. عن المعاملات الأخرى، جواد علي: ذات الصفحات في الحاشية السابقة.

<<  <   >  >>