للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنظار الدول الكبرى في العصر القديم إلى الحصول على نصيب منها، سواء في شكل هدايا أو ضرائب أو محاولة احتلال المنطقة العربية المنتجة لها٢٠، وهذه كلها شواهد على القيمة الكبيرة لهذا المورد الاقتصادي.

ولعل في ذكر بعض الحقائق التي أوردها الكاتب الموسوعي الروماني وهو بلينيوس PLINIUS، عن أحد هذه المنتجات وهو اللبان أو البخور، ما يعطينا فكرة عن حجم هذا المورد والأهمية التي ارتبطت به. إن الغابات التي تنمو بها أشجار اللبان في منطقة سبأ تصل مساحتها إلى ٢٠ سخوينوس SCHOENUS طولًا ونصف ذلك عرضًا، فإذا عرفنا أن طول هذا المقياس هو ٥ أميال ظهرت لنا المساحة الهائلة لهذه الغابات، وهي ١٠٠ ميل طولا و٥٠ ميلا عرضا تنتشر على التلال المرتفعة من قمتها إلى سفحها في منطقة تدعى سربية sariba وهي، حسبما يدعي اليونان، كلمة تعني "السر الخفي" وتقع ضمن أرض السبئيين على مسيرة ثمانية أيام من العاصمة شبوه. أما الأسر التي تملك هذه الغابات فتعد نحو ثلاثمائة أسرة ويدعى أفرادها بالمقدسين. كما أن العمل الذي يقوم به هؤلاء الأفراد، وهو شق لحاء الأشجار لاستخراج العصارة الصمغية القوام التي يتكون منها اللبان، يحيط به قدر كبير من القدسية التي تشير إلى مدى الأهمية التي أعطاها أصحاب هذه الغابات لهذا المورد الاقتصادي المهم. ففي الموسم المذكور لا يجوز لهم أن "يفقدوا طهارتهم" بلقاء النساء أو الاشتراك في مواكب الجنازات "ويبدو أن هذا الاشتراك كان يفقد الطهارة في نظرهم لسبب أو لآخر". ويبدو أن عددا من الشعائر الدينية كانت تحيط بهذا الموسم إذ إن بلينيوس يذكر لنا في هذا الصدد أن ارتفاع ثمن هذه السلعة


٢٠ عن الهدايا والضرائب herodotos III,٩٧. عن محاولات الاحتلال، راجع الباب العاشر الخاص بالسياسة الخارجية في هذه الدراسة.

<<  <   >  >>