للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأرجح أن تكون هذه الميناء هي خاراكس charax "ميسان الحالية" التي تقع على رأس الخليج في جنوبي وادي الرافدين، وكان الإسكندر قد أسسها وجعل لها ميناء في المنطقة، ثم ذوت أهميتها بعض الشيء، ولكن أنطيوخوس antiochos خامس الحكام السلوقيين "الذين خلفوا الإسكندر على حكم سورية ووادي الرافدين" اعتنى بها وأعاد إليها أهميتها، ثم أعاد إنشاءها ملك "أو زعيم" لمنطقة عربية مجاورة هو سباوسينيس٥٠ spaosenes "لعل النطق العربي للاسم شباس أو سباس".

كذلك فإن هذه الحوليات الصينية تذكر في أواخر القرن الأول الميلادي "٩٧م" أن أحد سفرائها من أواسط آسيا، وكان - ينج kan-ying الذي وصل إلى تياو - تشيه -التي سبق ذكرها- في طريقه إلى تاتسن ta-t'sin "سورية" استفسر عن هذه الرحلة فذكر له سكان تياو - تشيه "الشواطئ الجنوبية لوادي الرافدين" أن "البحر كبير وواسع، وأنه إذا كانت الرياح مواتية فمن الممكن الوصول في ثلاثة أشهر، أما إذا لم تكن مواتية فمن الممكن أن تستمر السفرة سنتين، ولهذا فإن الذين يركبون البحر يأخذون معهم زادًا يكفيهم لثلاث سنوات، فإن في البحر شيئًا يحرك في الإنسان الحنين إلى بلده، وقد فقد الكثيرون حياتهم بسبب ذلك"٥١.

والنص، يشير، كما هو واضح، إلى معرفة بالبحر ومن ثم بالتجارة البحرية، ولكن يبدو أن شيئا من التخوف كان يحيط بالرحلات البحرية بين الخليج من جهة والبحر الأحمر من جهة أخرى، ربما لأن تجارة الشاطئ العربي المطل على الخليج كانت موجهة حتى ذلك الوقت أساسًا إلى الشرق أو على أكثر تقدير إلى الشواطئ الجنوبية لشبه الجزيرة، إذا اتجهت غربًا.


٥٠ plinius: HN, VI ١٩٣.
٥١ مقتبس في g.hourani: ذاته، ص١٦.

<<  <   >  >>