للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وربما نستطيع أن نستنتج مثل هذا التصور إذا عرفنا أن تجار خاراكس "ميسان حاليا" كانوا يمارسون تجارة نشطة مع باريجازه barygaza، على خليج كامباي cambay، في الهند -تحمل سفنهم السلع العربية إليها، ثم تعود منها محملة بالنحاس والعاج وأنواع مختلفة من الأخشاب، ولعل استيراد هذه السلعة الأخيرة يشير إلى نوع من النشاط في بناء السفن التي كانت الأخشاب الصالحة لبنائها لا توجد في شبه الجزيرة العربية على نحو ما رأينا آنفًا. كذلك كانت سفن خاراكس تحمل السلع إلى الشواطئ الجنوبية العربية لشبه الجزيرة٥٢. كما يذكر لنا بيلينيوس ثلاث مدن وموانئ أخرى ذات نشاط تجاري بحري، هي جرهاء وأكيلة acila "قرب رأس الخيمة الحالية" وهمنة homna وأطانة attana كموانئ على الجانب الشرقي لشبه الجزيرة العربية، ويذكر واحدة منها على الأقل، وهي أكيلة، في صدد العلاقات التجارية مع الهند٥٣.

هذا عن النشاط التجاري العربي انطلاقا من منطقة الخليج. أما عن النشاط المماثل في البحر الأحمر، فنحن نجد اهتمام الإسكندر الأكبر بالتعرف على هذا البحر قد استمر في عهد حكام أسرة البطالمة الذين أسسوا دولة في مصر على أثر وفاته وكان هذا الاهتمام دافعًا كبيرًا وراء النشاط التجاري في هذا البحر. وحقيقة: إن التجار والملاحين اليونانيين قد استأثروا بالقسم الأكبر من هذا النشاط، ولكن النشاط التجاري العربي ظهر هنا في صور مختلفة منذ بداية هذا العهد وطوال العصر المتأغرق والقسم الأكبر من عصر الإمبراطورية الرومانية الذي ابتدأ في فجر العهد الميلادي.

وفي هذا الصدد أعود إلى نقش أسلفت الإشارة إليه يرجع إلى النصف


٥٢ hourani: ذاته، ص١٦ وحاشية ١٦.
٥٣ plinius: HN, vI, ٥١.

<<  <   >  >>