هذا الصدد عثر المنقبون الأثريون في مصر على نقش من عهد الإمبراطور الروماني هادريانوس "١١٧-١٣٨م" يذكر نقابة مزدهرة ومعترفًا بها من الإمبراطور لربابنة من مدينة "تدمر" يعملون في البحر الأحمر٦٠. وهو نقش يدعو في الحقيقة إلى التأمل، إذ إن أهل هذه المدينة قد اعتادوا ممارسة التجارة البرية في منطقة صحراوية، ومن ثم فانتقالهم إلى التجارة البحرية، إلى جانب إشارته إلى مقدرتهم، يثير في الحقيقة أكثر من تساؤل حول تغيير محتمل في ميزان الأهمية النسبية لكل من التجارة البرية وتجارة البحر.
ويبدو أن هذا القرن شهد الازدهار الأخير لنشاط التجارة البحرية العربية قبل الإسلام، ففي القرن الثالث الميلادي لا نسمع شيئا عن هذا النشاط، وفي الحقيقة لقد شهد هذا القرن عصر التدهور الاقتصادي للإمبراطورية الرومانية كما هبط فيه النشاط التجاري اليوناني في البحر. أما القرون الثلاثة التالية "بين القرن الرابع وظهور الدعوة الإسلامية في القرن السابع الميلادي" وهي الفترة التي عاصرت الإمبراطورية البيزنطية في الغرب والإمبراطورية الساسانية في الشرق, فنحن لا نسمع فيها شيئًا عن النشاط العربي التجاري في البحر الأحمر.
لقد أصبحت جزيرة سيلان في تلك الفترة هي همزة الوصل بين تجارة الصين وتجارة الشرق الأدنى. إليها يصل التجار الصينيون ليفرغوا تجارتهم، ومنها يبحر بهذه التجارة تجار من فارس والحبشة axum. وقد عادت التجارة اليونانية إلى النشاط بعض الشيء، فكانت تصل من شمالي البحر الأحمر حتى أدوليس adulis "عدول" على شاطئ الحبشة شمالي باب المندب، وربما عبرت باب المندب في بعض الأحيان. أما عن التجارة العربية البحرية وأما