الجزيرة العربية في العصور السابقة لظهور الإسلام -وهذا المورد هو التعدين والصناعة. وفي صدد الحديث عن هذا المورد يسترعي الانتباه عدد من الملاحظات أو الظواهر العامة سواء بصدد توزيعه على أقسام شبه الجزيرة أو في مدى معرفة سكان المنطقة به أو في مدى اعتمادهم عليه أو نظرتهم إليه. وفيما يخص الظاهرة الأولى وهي توزيع هذا المورد فإن المصادر تشير إلى وجود المعادن، على سبيل المثال، في مناطق دون مناطق أخرى، فالمناطق التي توجد فيها هذه المعادن هي الحجاز واليمن والساحل الشرقي المطلّ على الخليج والمحيط الهندي، أما بقية المناطق فلا تشير إليها هذه المصادر.
ومن الطبيعي أن أقسامًا من شبه الجزيرة لا توجد فيها معادن، كذلك من الطبيعي أنه إذا وجدت بعض المعادن في أماكن لا يوجد فيها عمران فإنها تبقى مطمورة دون أن يعرف أحد عن وجودها. ولكن مع ذلك فلنا أن نتصور أن بعض المناطق المعمورة "بنسب متفاوتة" لم يكن سكانها يهتمون بهذا المورد؛ فالمناطق التي كانت تعيش على الرعي، حيث البدو الرحل، لم يكن لدى سكانها مثل هذا الاهتمام أو الإمكانات التي تشجع عليه. كذلك فإن القسم الأكبر من سكان الواحات، وبخاصة الواحات المتناثرة في قلب البادية، يصدق عليها هذا الحكم. وإلى جانب هذا فالمناطق الموجودة في القسم الشمالي الغربي من شبه الجزيرة، مثل: مملكة معين الشمالية وممكلة الأنباط حيث وجد قدر ظاهر من الثروة والاستقرار "كما يظهر من الآثار المتبقية في المنطقة" يبدو أنها جنت خيرا كثيرا من المورد التجاري ومن ثم انصرفت إلى الحفاظ عليه والذود عنه ضد كل من يحاول التأثير عليه بالمنافسة أو بأي نوع آخر من النشاط بحيث إنها لم تهتم بأي مورد آخر غيره.
أما عن الظاهرة الثانية وهي مدى معرفة سكان شبه الجزيرة بالمعادن والتعدين فيدل على ذلك عدد من الشواهد: والشاهد الأول يأتي من القرآن الكريم "القرن السابع م" حيث نجد فيه إشارة مباشرة وصريحة إلى معرفة بفوائد