معدن في حالاتها المختلفة ووفرة عدد الأماكن التي كانت تستخرج منها المعادن شاهدان يدلان على المعرفة المفصلة بالمعادن والتعدين، وهو أمر لا يمكن أن يكون قد طهر فجأة في العصر الإسلامي وإنما كان موجودا, على الأقل في نسبة منه، في عصور ما قبل الإسلام.
أما الشاهد الخير في هذا الصدد فهو الآثار التي خلفها لنا سكان شبه الجزيرة في الفترة السابقة للإسلام. وفي هذا المجال فقد عثرت شركة التعدين السعودية العربية في منجم "مهد الذهب" الذي يقع إلى شمالي المدينة، على أدوات ترجع إلى عصر ما قبل الإسلام كانت تستخدم لاستخراج الذهب واستخلاصه من شوائبه من بينها رحى وأدوات تنظيف ومدقات ومصابيح، كما وجدوا آثارًا تدل على قيام عمال بالحفر في هذا المنجم لاستخراج الذهب منه. كما عثر المنقبون الأثريون على بقايا من الرصاص في المباني الأثرية باليمن تشير إلى أن أهل المنطقة كانوا يصبون الرصاص المصهور في أسس الأعمدة لتثبيتها وبين مواضع اتصال الحجارة لتشدها إلى بعضها٦٧.
ولم تقتصر معرفة المجتمع العربي قبل الإسلام على هذه المعادن وعلى معالجتها وحدها, فقد عرف عرب شبه الجزيرة في تلك الفترة معادن أخرى مثل: الملح والعقيق والزمرد وغيرها, كما عرف أهل اليمن قدرًا متقدمًا من صناعة النسيج والحياكة. وقد ورد ذكر هذه الصناعة الأخيرة في النصوص العربية الجنوبية كما ورد في أشعار الجاهليين ما يشير إلى المستوى المرموق