وقد كانت الأسرة هي الخلية التي تتألف القبيلة من تكرارها وتكويناتها, تعيش الأسرة في خيمة أو ربما في عدد صغير من الخيام، وكل مجموعة من الأسر تشكل حيًّا أو قومًا يعتقدون، حقيقة أو تصورًا، أنهم ينحدرون من أصل واحد ومن ثم تربط بينهم آصرة الدم أو القرابة، ومن مجموع هذه الأحياء أو الأقوام تتكون القبيلة. وقد عبر أبناء الحي أو القوم الواحد عن آصرة القرابة التي تربط بينهم بانتسابهم إلى اسم هو الجد الأول لهم فيما كانوا يعتقدون، فهم بنوه الذين يعرفون ويتعاملون ويتفاخرون باسمه. فهناك بنو الأصفر وبنو جرم وبنو جرهم وبنو شاكر وبنو عباد وبنو عبد القيس وبنو هذيل، وبنو ذبيان، إلى آخر هذه الأسماء. وقد يسمي أبناء القبيلة كلها "أو ربما عدد من القبائل" أنفسهم أنهم بنو فلان أو غيره مثل: بني تنوخ أو بني لخم، ولكن الوضع السائد عادة هو أن هذه التسمية كانت لتمييز الأحياء أو الأقوام.
كذلك نجد بين بعض هذه الأسماء التي انتسبت إليها الأحياء أسماء نساء تشير بالضرورة إلى إحدى المراحل التي مر بها مجتمع البادية وهي المرحلة الأموية matriarchal التي كانت فيها الأم هي محور رابطة القرابة أو الدم ومن ثم كان الانتساب إليها. وهكذا وجد من بين عرب شبه الجزيرة أقوام مثل بني بجيلة وبني البقعاء وبني جهينة وبني ربيعة وبني فزارة وبني حنيفة وبني الرباب وبني أمية وبني جذيمة، وقد ظلت هذه التسميات الأموية قائمة حتى بعد أن انقرض النظام الأموي وحل محله النظام الأبوي patriarchal، بل لقد وصل الأمر إلى أن أصبحت بعض هذه الأسماء أسماء لذكور مثل أمية بن أبي الصلت أو جذيمة بن الأبرش. هذا، وجدير بالذكر هنا أن انتساب بعض الأقوام إلى نسب أموي ليس شيئًا غريبًا في حد ذاته، فقد كانت المرحلة الأموية إحدى المراحل التي مرت بها أغلب المجتمعات القديمة عامة، سواء في شبه الجزيرة العربية أو في غيرها من المناطق.
كذلك كان يحدث في بعض الأحيان أن يظهر نوع من التكوين القبلي