ينتظم عددًا من القبائل تتكتل في هيئة مجموعات موحدة بصورة أو بأخرى ولسبب عارض أو دائم تحت رئاسة أو زعامة واحدة. ومثل هذه التكتلات العربية نستنتج وجودها من عدد من النقوش الآشورية التي نجد واحدًا منها يشير إلى قوة عسكرية "عربية" تحت زعامة "جندبو" كواحدة من القوات المتحالفة مع ملك دمشق ضد الملك الآشوري شلمنصر الثالث "٨٥٨-٨٢٤ق. م" كما نجد عددا آخر منها يشير إلى صدامات عسكرية أو علاقات سياسية مع عدد من الشخصيات يوصف كل منها بأنه "ملك بلاد العرب" أو أنها "ملكة بلاد العرب" على نحو ما سنرى بالتفصيل في حديث قادم. والشيء ذاته نستنتجه من بعض مواضع في التوراة نجد فيها العرب يتكتلون مرة مع الفلسطينيين لاكتساح مملكة يهوذا "أو يهودية" في عهد الملك العبراني يهورام "٨٥١-٨٤٣ق. م", ثم نجد خلفه الملك عزّيّا "٧٧٩-٧٤٠ق. م" ينتصر على الفلسطينيين وعدد من حلفائهم من بينهم "العرب الساكنون في جور بعل" على نحو ما مر بنا في مناسبة سابقة. وكلها إشارات يدل ما جاء فيها من تسميات وما أحاط بها من ملابسات على أن المقصود هو تكتلات أو تجمعات قبلية وليست قبائل منفردة١.
وإلى جانب هذا النوع من التكوينات السياسية، وهو التكوين القبلي سواء اتخذ شكل قبائل منفردة أو تجمعات من القبائل, وجد نوع آخر هو الإمارات أو الممالك الصغيرة التي قامت إما حول مراكز تجارية أو عند نقطة توازن بين دولتين كبيرتين متصارعتين أو على حدود كل من هاتين الدولتين، تدخل في منطقة نفوذ الواحدة أو الأخرى منهما وتعمل لحسابها لحماية حدودها
١ أمثلة للنقوش الآشورية في ANET، صفحات ٢٧٩، ٢٨٣-٢٨٦، ٢٩١. أمثلة لنصوص التوراة في سفر أخبار الأيام الثاني، إصحاح ٢١: ١٦ وما بعدها، عن الظروف والملابسات راجع الباب العاشر الخاص بالعلاقات الخارجية في هذه الدراسة.