للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضد أية غارات من البدو أو من جانب القوة الأخرى. والصفة المشتركة بين هذه الإمارات أو الممالك الصغيرة هي أن وجودها كان عابرًا، إذ كان يتوقف على بقاء أوضاع تجارية مواتية أو على بقاء علاقات وظروف دولية بين الدول الكبيرة المتصارعة، كما كان تدهورها أو اندثارها معلقًا بأي تعديل في مسار الخطوط التجارية أو أي تغيير في ميزان العلاقات بين الدول الكبيرة المتصارعة.

ومن بين هذه الإمارات أو الممالك، مملكة الأنباط التي قامت في القسم الشمالي الغربي لشبه الجزيرة العربية حول المدينة التي عرفت في نصوص التوراة باسم "سيلع" أي: الصخرة, والتي عرفها الكتاب اليونان باسم بترا PETRA وهي الترجمة اليونانية للفظة ذاتها كما أنها الاسم الذي لا تزال المدينة تعرف به حتى الآن في صورته العربية "البتراء" والأنباط الذين كانوا في بدايتهم قبائل بدوية متنقلة استولوا من الإيدوميين في القرن السادس ق. م. على المنطقة السهلية التي تشرف عليها المدينة "وهي المنطقة التي تعرف الآن باسم وادي موسى" ثم ما لبثوا أن استولوا على المدينة ذاتها التي كانت موقعًا أساسيًّا على الخط التجاري الذي كان يصل بين سبأ والمناطق المجاورة في جنوبي شبه الجزيرة وبين الموانئ السورية في الشمال٢.

وقد وصل الأنباط نتيجة لهذا الموقع التجاري الحيوي الذي تميزت به عاصمتهم إلى قدر ظاهر من الازدهار الاقتصادي مكنهم من توسيع حدود


٢ عن استيطان الأقباط راجع:
DUSSAUD: LA PENETRATION DES ARABES EN SYRIE صفحات ٢١-٢٤. عن اسم سيلع في التوراة راجع: نبوءة أشعيا، إصحاح ٤٦: ١، ٤٢: ١١، سفر الملوك الثاني، ١٧: ٧. عن اسم بترا petra عند الكلاسيكيين راجع أمثلة في strabo: XVI, ٤: ٢١,٢٣,٢٤ كذلك: Plinius: HN, VI, ٤٤.

<<  <   >  >>