للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مزيقية بن عامر ماء السماء، ولكن المؤسس الحقيقي للإمارة بعد استقرارها في موطنها الجديد "إذا كانت حقيقة قد نزحت من اليمن" هو جفنة أحد أبناء هذا الزعيم أو الرئيس. وقد أسست هذه القبيلة إمارتها في المنطقة الواقعة إلى الجنوب الشرقي من دمشق عند الطرف الشمالي للخط التجاري البري الذي يصل اليمن بالشام واتخذوا موقع "جابية" في الجولان عاصمة لهم كما كانت "جُلّق" عاصمة لهم بعض الوقت. وما لبث الغساسنة أن دخلوا في دائرة نفوذ الإمبراطورية البيزنطية "الرومانية الشرقية" ووضعوا أنفسهم في خدمة مصالحها في المنطقة، وكانت هذه المصالح تتمثل بالدرجة الأولى في الحفاظ على الحدود الشرقية للإمبراطورية على نحو ما أسلفت. وقد كان أهم ملوك هذه الإمارة هو الحارث الثاني أو الحارث بن جبلة "حوالي ٥٢٩-٥٦٩م" الذي لقب باسم الحارث الأعرج عند الكتاب المسلمين. وقد أظهر هذا الحاكم من الولاء للإمبراطور البيزنطي ما أدى بالإمبراطور يوستنيانوس justinianus "جستنيان" إلى أن يضفي عليه لقب فيلارخوس phylarchos وهو أسمى لقب في الإمبراطورية بعد لقب الإمبراطور، كما عينه في ٥٢٩م سيدًا على كل القبائل العربية في سورية.

وقد أدى ملوك الغساسنة دورهم الذي تقتضيه تبعية إمارتهم للإمبراطورية البيزنطية، فدافعوا عن حدود هذه الإمبراطورية. وكان من بين ما قاموا به في هذا المجال حرب شرسة مستطيلة قام بها الحارث في أواسط القرن السادس الميلادي لصالح البيزنطيين ضد المنذر الثالث ملك الحيرة الذي كان بدوره يدافع عن حدود الإمبراطورية الفارسية. كذلك قام خلفه المنذر "الغساني" بغارة أحرق خلالها الحيرة عاصمة اللخميين. إلا أن البيزنطيين كانوا قد بدءوا يشكون في ولائه "لأسباب تتعلق بالمذهب الديني الذي كان يعتنقه" فأخذوه إلى القسطنطينية وسجنوه بعد ذلك في صقلية. أما ابنه النعمان فقد حاول أن يغير على بعض الأراضي التابعة للإمبراطورية فاستاقوه كذلك إلى

<<  <   >  >>